40ae899aa071d78e94fe5ef519e59a8f
باحث، مؤلف، مدرب وأخصائي تغذية علاجية معتمد، صانع محتوى علمي، ورائد طب الطهي في…

مكملات الكرياتين بين الحقيقة والخرافات

مكمل الكرياتين: دليل شامل، يكشف الحقائق العلمية ويفنّد الخرافات، مع شرح الأنواع والجرعات والفوائد بالتفصيل.
author image
مكملات الكرياتين بين الحقيقة والخرافات – مقال علمي شامل لممارسي كمال الأجسام عن فوائد الكرياتين، أنواعه، وأشهر الأساطير حوله

مكملات الكرياتين بين الحقيقة والخرافات

إذا كنت من محبي التمرين ورفع الأثقال، فربما سمعت عن مكملات الكرياتين وفوائدها المحتملة لبناء العضلات. في المقابل، ربما واجهتك أيضًا كثير من التحذيرات والقصص المخيفة حول أضرارها.

قد تتساءل: ما الحقيقة وراء الكرياتين؟ هل هو مكمل سحري يساعدك في الحصول على قوة عضلية هائلة بشكل آمن، أم أنه مجرد مادة خطيرة مليئة بالخرافات؟ في هذا المقال الشامل، سأشارك معك الحقائق العلمية وراء مكمل الكرياتين، وأفند أبرز الخرافات الشائعة حوله بأسلوب واضح ومبسط. ستعرف ما هو الكرياتين وكيف يعمل في جسمك، وفوائده الحقيقية المدعومة بالدراسات، وكذلك كيفية استخدامه بالشكل الأمثل. كما سنتناول الأسئلة الشائعة والمخاوف مثل: هل يسبب احتباس الماء؟ هل يضر بالكلى؟ هل هو نوع من الستيرويدات؟ وغيرها الكثير.

هدفي هو أن تقرأ هذا المقال وكأننا نجلس معًا ونتحدث، لتكون في النهاية قادرًا على اتخاذ قرار مستنير حول استخدام مكملات الكرياتين في نظامك التدريبي. دعنا ننطلق في هذه الرحلة العلمية المثيرة معًا لمعرفة الحقيقة بين الخرافات فيما يتعلق بالكرياتين!

ما هو الكرياتين وكيف يعمل في جسمك؟

الكرياتين Creatine هو مركب عضوي نيتروجيني (يتكون من الكربون والنيتروجين والهيدروجين والأوكسجين) مشتق من الأحماض الأمينية. يصنّع جسمك الكرياتين بشكل طبيعي من ثلاث أحماض أمينية هي الأرجنين والجلايسين والميثيونين في الكبد والكلى والبنكرياس، كما ورد في مراجعة علمية منشورة في المجلة الدولية للتغذية الرياضية .بعد تصنيعه، يتم نقل معظم الكرياتين إلى عضلاتك الهيكلية حيث يُخزَّن بنسبة حوالي 95% من إجمالي مخزون الكرياتين في الجسم. داخل العضلات، يتحول الكرياتين إلى فوسفوكرياتين (فوسفات الكرياتين Phosphocreatine) ويعمل كمخزن للطاقة. قد تتساءل: كيف يساهم ذلك في إنتاج الطاقة؟ لنشرح الأمر ببساطة:

عندما تقوم بانقباض عضلي قوي (مثل رفع وزن ثقيل أو العدو السريع)، يحتاج جسمك إلى مصدر طاقة فوري. المصدر الرئيسي للطاقة الخلوية هو جزيء أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP). أثناء الانقباضات الشديدة، ينخفض مستوى ATP بسرعة. هنا يأتي دور الفوسفوكرياتين المخزّن في العضلات؛ حيث يقوم بالتبرع بمجموعة فوسفات إلى الأدينوسين ثنائي الفوسفات (ADP) لتحويله مجددًا إلى ATP، كما أوضحت مراجعة علمية حول دور الفوسفوكرياتين في العضلات . هذه العملية توفر طاقة سريعة تمكنك من الاستمرار في التمرين عالي الشدة لبضع ثوان إضافية. يمكن تشبيه الأمر ببطارية احتياطية صغيرة في عضلاتك يتم شحنها بالكرياتين، فتمنحك دفعات سريعة من الطاقة عندما تُنهك "البطارية الرئيسية" (ATP) خلال التمارين العنيفة.

يبلغ متوسط كمية الكرياتين في جسم الإنسان البالغ حوالي 120 جرامًا لشخص وزنه ~70 كجم، ولكن هذه الكمية يمكن زيادتها عن طريق تناول الكرياتين من المصادر الغذائية أو المكملات. يتوفر الكرياتين بشكل أساسي في اللحوم الحمراء والأسماك. على سبيل المثال، يحتوي كل 1 كغم من لحم البقر أو السمك على حوالي 3-5 جرام من الكرياتين. ولكن من الصعب عمليًا الحصول على جرعات عالية (مثل 5 جرام يوميًا) من الغذاء فقط دون استهلاك كميات ضخمة من اللحم. لذا يأتي دور مكمل الكرياتين (Creatine Supplement) كطريقة فعالة لزيادة مخزون الكرياتين في العضلات بسهولة وبشكل مركز. الأشخاص النباتيون أو الذين لا يتناولون اللحوم تكون مخزوناتهم الطبيعية من الكرياتين أقل من غيرهم، وبالتالي قد يستفيدون بشكل ملحوظ عند بدء استخدام المكمل، إذ يلاحظون فرقًا أكبر في الأداء عند التشبع بالكرياتين مقارنة بمن اعتادوا تناول اللحوم بانتظام، كما أشارت دراسة مقارنة حول تأثير الكرياتين على النباتيين مقابل غير النباتيين .

من المهم أن نفهم أن الكرياتين ليس حمضًا أمينيًا بحد ذاته (رغم أنه مشتق من الأحماض الأمينية)، وليس بروتينًا أيضًا. هو مركب ذو طبيعة خاصة يعمل على إعادة تدوير العملة الأساسية للطاقة (ATP) في الخلايا العضلية والعصبية. لهذا السبب لا يقتصر وجود الكرياتين على العضلات فقط؛ بل يوجد أيضًا بكميات أقل في الدماغ والخصيتين وأعضاء أخرى، حيث قد يلعب أدوارًا مساندة في توفير الطاقة للخلايا هناك أيضًا.

باختصار، يعمل الكرياتين كوقود سريع لإعادة شحن طاقة العضلات أثناء التمارين عالية الشدة. عندما تقوم بتكميل نظامك الغذائي بالكرياتين، فأنت تزيد من مخزون الفوسفوكرياتين في عضلاتك، وبالتالي ترفع قدرة عضلاتك على إنتاج الطاقة الفورية. الآن بعدما فهمنا ماهية الكرياتين ودوره الأساسي، دعنا ننتقل إلى استعراض فوائده المدعومة علميًا.

فوائد مكملات الكرياتين وفق الأبحاث الحديثة

على مدى العقود القليلة الماضية، أصبح الكرياتين واحدًا من أكثر المكملات الغذائية دراسةً في مجال الأداء الرياضي والصحة. تراكمت مئات الدراسات التي تبحث في تأثيره على القوة العضلية، والتحمل، وتكوين الجسم، فضلًا عن فوائده المحتملة لصحة الدماغ وأمور أخرى. سنستعرض هنا أبرز الفوائد المثبتة علميًا لمكمل الكرياتين، مع أمثلة عملية ونتائج دراسات حديثة:

زيادة القوة والأداء العضلي عالي الشدة

أشهر سبب يدفع الرياضيين ولاعبي كمال الأجسام لاستخدام الكرياتين هو قدرته على زيادة القوة وتحسين الأداء في التمارين عالية الشدة والقصيرة المدة. لقد أجمعت الأبحاث على أن مكمل الكرياتين فعال جدًا في تعزيز أداء التمارين اللاهوائية (كالرفع الثقيل والركض السريع المتقطع). وفقًا لـمراجعة علمية نُشرت عام 2022 ، وُجد أن الكرياتين مونوهيدرات هو أكثر المكملات الغذائية فعالية من حيث زيادة قدرة التمرين عالية الشدة ورفع القوة والكتلة العضلية الخالية من الدهون. وقد أشارت هذه المراجعة وغيرها من الدراسات إلى أن الزيادات في قوة الأداء (مثل أقصى قوة أو عدد التكرارات في التمارين) تتراوح عادة بين 10% إلى 20% مع استخدام الكرياتين، خصوصًا لدى الأفراد الذين كانت مخزونات الكرياتين لديهم أقل في البداية، كما أوضحت نفس المراجعة العلمية . أي أنك قد تستطيع مثلًا أداء عدة تكرارات إضافية في تمرين الوزن أو تحمل وزن أعلى بنسبة ملحوظة بفضل مكمل الكرياتين.

من الأمثلة العملية، تجربة أُجريت على مجموعة من الرياضيين: مجموعة منهم تناولت الكرياتين أثناء برنامج تمارين مقاومة، ومجموعة أخرى تناولت دواءً وهميًا. بعد عدة أسابيع، لوحظ أن مجموعة الكرياتين تمكنت من زيادة أوزان التدريب وعدد التكرارات بشكل أكبر بكثير من المجموعة الأخرى، وحققوا زيادة في القوة القصوى في تمرين البنش برس والسحب مقارنةً بمن لم يتناولوا الكرياتين، كما ورد في نتائج الدراسة التجريبية حول تأثير الكرياتين على الأداء الرياضي . يفسر العلماء ذلك بأن الكرياتين، عبر زيادة مخزون الفوسفوكرياتين، يسمح بتجديد أسرع للطاقة أثناء مجموعات التدريب عالية الشدة، مما يؤخر شعور العضلة بالإجهاد ويمكنك من بذل جهد أكبر قبل الوصول للفشل العضلي. ومع مرور الوقت، هذا الجهد الإضافي يتراكم ليعطي مكاسب أكبر في القوة وحجم العضلات.

زيادة الكتلة العضلية الخالية من الدهون (تضخم العضلات)

إلى جانب تحسين القوة، يرتبط تناول الكرياتين بزيادة واضحة في الكتلة العضلية مع التدريب. هنا يجب توضيح نقطة مهمة: الجزء من زيادة الوزن السريعة جدًا في الأيام الأولى لتناول الكرياتين هو في الغالب نتيجة سحب الماء إلى داخل العضلات (حيث إن جزيئات الكرياتين تجذب الماء إلى الخلايا العضلية). هذا يفسر لماذا قد ترى زيادة 1-2 كجم على الميزان بعد أسبوع من بدء المكمل؛ إنه ليس دهونًا بل ماء داخل العضلات مما يجعلها تبدو "منفوخة" أكثر قليلًا. ولكن الأهم هو ما يحدث على المدى الطويل: عندما تُقترن مكملات الكرياتين مع تدريب المقاومة (تمارين الأثقال)، فإنها تُسرع عملية اكتساب العضلات الخالية من الدهون مقارنة بالتدريب بدون كرياتين، كما أوضحت مراجعة علمية حول فعالية الكرياتين مع التمرين . بمعنى آخر، الكرياتين يجعل تمارينك أكثر إنتاجية لزيادة حجم العضلة.

عدة دراسات طويلة الأمد أظهرت أن الرياضيين الذين تناولوا الكرياتين لمدة 8-12 أسبوعًا مع برنامج تدريبي تمكنوا من اكتساب كتلة عضلية أكبر بشكل ملحوظ من أولئك الذين تدربوا بنفس البرنامج دون كرياتين، كما بينت مراجعة شاملة حول تأثير الكرياتين على بناء العضلات . فعلى سبيل المثال، في دراسة استمرت 10 أسابيع على لاعبي كرة قدم يتدربون تمارين مقاومة، كسبت مجموعة الكرياتين حوالي 1.5 كجم من العضلات الصافية أكثر من المجموعة الضابطة. وفي دراسة أخرى على لاعبي كمال أجسام مبتدئين لمدة 8 أسابيع، حققت مجموعة الكرياتين زيادة ضعف التي حققتها المجموعة الأخرى في سماكة الألياف العضلية في العضلات المستهدفة بالتمرين.

من المثير للاهتمام أن تأثير الكرياتين على البناء العضلي لا يقتصر على الشباب الذكور فقط؛ فقد وُجد أنه يساعد أيضًا الإناث وكبار السن على زيادة الكتلة العضلية عند ممارسة التمارين. صحيح أن بعض الدراسات لم تلاحظ زيادة كبيرة في كتلة العضلات لدى من يتناول الكرياتين بدون تدريب (خصوصًا لدى كبار السن عندما يتناولونه لوحده دون تمرين)، كما ورد في مراجعة علمية حول تأثير الكرياتين على كبار السن بدون تمرين ، لكن معظم الأدلة تؤكد أن الكرياتين يعزز استفادة العضلات من التدريب. أي أن مفعوله الأوضح يظهر عندما يتمرن الشخص بجدية بالتوازي مع أخذه الكرياتين. في هذه الحالة، يعمل الكرياتين كداعم يرفع قدرة العضلات على التدريب الشاق (كما شرحنا)، مما يقود في النهاية إلى تحفيز أكبر للنمو العضلي.

لماذا لا يزيد الكرياتين العضلات كثيرًا بدون تمرين؟ ببساطة لأن نمو العضلات يحتاج إلى محفز (وهو التمرين الذي يُحدث تمزقات مجهرية في العضلة تستدعي عملية الإصلاح والنمو). الكرياتين لوحده ليس عامل نمو مباشر للعضلات، بل عامل مساعد يزيد حجم العمل الذي تستطيع العضلة القيام به، وبالتالي يجعل التمرين أكثر فعالية في إحداث النمو. لذا، لا تتوقع أن تتناول مسحوق الكرياتين وأنت جالس على الأريكة وتنتظر عضلاتك تكبر تلقائيًا! عليك بمرافقة ذلك بنظام تمرين منتظم للحصول على النتائج المرجوة.

تحسين الاستشفاء العضلي وتقليل علامات الإجهاد والالتهاب

بجانب دوره في أثناء التمرين نفسه، للكرياتين فوائد مهمة أيضًا في مرحلة الاستشفاء والتعافي بعد التمرين. بعض الدراسات وجدت أن تناول الكرياتين يمكن أن يقلل من درجة تلف الألياف العضلية الناتج عن التمارين الشديدة ويخفف الالتهابات المرتبطة بالتمرين. فعلى سبيل المثال، في دراسة حول تأثير الكرياتين على التعافي العضلي ، تم قياس مستويات إنزيمات العضلات في الدم (مثل الكرياتين كيناز) بعد تمرين مجهد تسبب في تلف عضلي. المجموعة التي تناولت الكرياتين شهدت ارتفاعًا أقل في مستويات هذه الإنزيمات (مما يدل على تلف عضلي أقل)، كما تمكنوا من الحفاظ على قوة عضلية أعلى في الأيام التالية مقارنة بالمجموعة التي لم تتناول الكرياتين. هذا يشير إلى أن الكرياتين قد يسرع من إصلاح الألياف العضلية المتضررة ويخفف بعض مظاهر ألم العضلات المتأخر (DOMS).

علاوة على ذلك، هناك أدلة على أن من يتناولون الكرياتين يعانون من تقلصات عضلية وإصابات أقل خلال فترات التدريب المكثف. دراسة ميدانية شملت لاعبي رياضة يتدربون في أجواء حارة وجافة ، وجدت أن الرياضيين الذين كانوا يتناولون الكرياتين أثناء برنامجهم التدريبي تعرضوا لحالات تشنج عضلي وجفاف وإصابات إجهاد حراري أقل بكثير من زملائهم الذين لم يستخدموا الكرياتين. ليس هذا فحسب، بل إن معدلات شد العضلات والإصابات العضلية عمومًا كانت أقل في مجموعة الكرياتين. يُعزى ذلك جزئيًا لقدرة الكرياتين على رفع محتوى الماء داخل خلايا العضلات (مما قد يساعد في ترطيب العضلة من الداخل وتحسين تحملها للجهد الحراري)، وكذلك لتحسينه معدلات استشفاء الأنسجة.

إضافةً إلى ما سبق، أشارت بعض الأبحاث إلى دور محتمل للكرياتين في تسريع التعافي من الإصابات. فقد وُجد أن الرياضيين الذين يتناولون الكرياتين خلال برامج إعادة التأهيل من إصابات (مثل التجبير أو التوقف عن التدريب لفترة) يحافظون على الكتلة العضلية بشكل أفضل ويستعيدون قوتهم بشكل أسرع من أولئك الذين لا يتناولونه، كما ورد في مراجعة علمية حول تأثير الكرياتين أثناء إعادة التأهيل . في إحدى الدراسات، تم وضع أحد الأطراف السفلية لدى مشاركين في جبيرة لفترة (مما يؤدي عادةً إلى ضمور عضلي نتيجة عدم الاستخدام). المجموعة التي تناولت الكرياتين أثناء فترة التثبيت العضلي أظهرت ضمورًا أقل في العضلات من المجموعة الأخرى، كما تمكنت من استعادة حجم العضلة بشكل أسرع بعد إزالة الجبيرة، وفقًا لنفس الدراسة حول دور الكرياتين في تقليل فقد العضلات أثناء التثبيت .

تعزيز مخازن الطاقة والقدرة على التحمل (بطريقة غير مباشرة)

صحيح أن الكرياتين ليس معروفًا بأنه مكمل لتمارين التحمل (كالركض لمسافات طويلة أو سباقات الدراجات)، لكن لديه بعض التأثيرات المفيدة حتى لهؤلاء الرياضيين ولكن بشكل غير مباشر. على سبيل المثال، تبيّن أن تناول الكرياتين مع كمية من الكربوهيدرات يساعد على زيادة مخزون الجليكوجين العضلي بشكل أكبر من تناول الكربوهيدرات وحدها، كما ورد في مراجعة علمية حول دعم الكرياتين لمخازن الجليكوجين . الجليكوجين هو الوقود الأساسي لتمارين التحمل الطويلة، وزيادة مخزونه في العضلات تعني قدرة أعلى على الأداء قبل الوصول للإرهاق. وهكذا، يمكن للعدائين أو لاعبي التحمل الاستفادة من الكرياتين للحفاظ على مستويات طاقة أعلى في العضلات خلال المنافسات المرهقة، خاصة عند استخدامه خلال فترات تحميل الكربوهيدرات (كمرحلة تحضير قبل السباق).

أيضًا، من خلال الدور الذي ذكرناه في تقليل تلف الأنسجة والالتهاب، قد يساعد الكرياتين رياضيي التحمل على التعافي بشكل أفضل بين الجولات التدريبية القاسية. على سبيل المثال، دراسة على عدّائي المسافات وجدت أن مجموعة تناولت الكرياتين شهدت التهابًا عضليًا أقل وألمًا أقل بعد الجري لمسافة 30 كم مقارنة بالمجموعة الضابطة. وبالتالي تمكنوا من العودة للتمرين بوقت أسرع. هذا مهم لأن رياضي التحمل غالبًا يتدربون مرارًا وتكرارًا ضمن جدول مكثف، وأي مساعدة في تسريع الاستشفاء ستنعكس إيجابًا على مستوى أدائهم على المدى الطويل.

كما تجدر الإشارة إلى أن ميزة الترطيب الخلوي التي يوفرها الكرياتين قد تساعد الرياضيين الذين يمارسون نشاطهم في ظروف حارة. قدرة الكرياتين على زيادة احتفاظ الخلايا العضلية بالماء تعني تقليل خطر الجفاف وتحسين القدرة على تنظيم حرارة الجسم أثناء الجهد في الحرارة، كما ورد في مراجعة علمية حول دور الكرياتين في الترطيب والأداء الحراري . في الواقع، أوصت الجمعية الدولية للتغذية الرياضية (ISSN) بأن الرياضيين الذين يمارسون رياضات في بيئات حارة قد يستفيدون من تناول الكرياتين مع كمية كافية من السوائل قبل المنافسات للمساعدة في ما يسمى "hyper-hydration" أي فرط الإماهة الوقائي، كما أوضحت نفس المراجعة العلمية . هذا قد يقلل من احتمالات الإصابة بضربات الحرارة أو التشنجات الناتجة عن الجفاف خلال المنافسة.

فوائد صحية محتملة أخرى (صحة الدماغ والأعصاب، الأمراض، إلخ)

بعيدًا عن عالم الرياضة والعضلات، يدرس العلماء منذ سنوات تأثيرات الكرياتين على الصحة العامة وبعض الحالات الطبية. تذكر أن الكرياتين موجود أيضًا في الدماغ بكميات أقل، وله دور محتمل كمصدر لطاقة الخلايا العصبية. لذا، هل يمكن أن يؤثر الكرياتين على الوظائف الإدراكية أو صحة الدماغ؟

بعض الدراسات (خاصة مع النباتيين أو في ظروف الإجهاد العقلي) أشارت إلى تحسن في بعض الوظائف المعرفية القصيرة المدى مع تناول الكرياتين، كما ورد في مراجعة علمية حول تأثير الكرياتين على القدرات الإدراكية . مثلًا، الذاكرة القصيرة المدى وسرعة التفكير المنطقي قد تتحسن بشكل طفيف لدى الأشخاص الذين يأخذون الكرياتين، خاصة إذا كانت تغذيتهم تفتقر لمصادر الكرياتين (كالنباتيين)، وفقًا لنفس المصدر العلمي . في إحدى التجارب، تم اختبار طلاب جامعيين في مهام تتطلب ذاكرة وتركيز قبل وبعد تناولهم مكمل الكرياتين لعدة أسابيع. أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في اختبارات الذاكرة العاملة لدى المجموعة التي أخذت الكرياتين مقارنة بمن لم يأخذوه، بحسب الدراسة ذاتها . ووجدت مراجعة منهجية لعدة تجارب عشوائية أنه بشكل عام قد يكون للكرياتين تأثير إيجابي على الذاكرة القصيرة المدى والذكاء، بينما كانت النتائج متباينة بالنسبة للمهارات الإدراكية الأخرى، كما ورد في المراجعة العلمية نفسها . اللافت أن هذه الفوائد المعرفية بدت أوضح لدى النباتيين ومن يعانون من نقص النوم أو الإجهاد، ربما لأن مخزون الكرياتين في أدمغتهم أقل من غيرهم، بحسب نفس المصدر .

على صعيد آخر، هناك بحوث ناشئة حول استخدام الكرياتين في الحالات العصبية والعضلية المرضية. على سبيل المثال، تمت دراسة الكرياتين كمكمل مساعد في أمراض مثل ضمور العضلات (حثل العضلات) والشلل الرعاش وحتى بعض الاضطرابات العصبية. النتائج كانت متفاوتة، لكن في بعض حالات ضمور العضلات الوراثية (مثل Duchenne) ساعد الكرياتين المرضى على الحفاظ على قوة العضلات لفترة أطول، كما ورد في دراسة علمية حول استخدام الكرياتين في حالات الحثل العضلي الوراثي . كذلك تمت ملاحظة تحسن في الحالة الوظيفية لمرضى إصابات الدماغ الرضية (كارتجاج الدماغ الشديد) عند إعطائهم جرعات عالية من الكرياتين لفترة محددة، كما أظهرت نتائج أبحاث حول الكرياتين وإصابات الدماغ . ويعزى ذلك لقدرة الكرياتين على توفير الطاقة وحماية الخلايا العصبية من بعض الأضرار. حتى أن بعض الخبراء اقترحوا أن الرياضيين المشاركين في رياضات ذات نسبة إصابات دماغية عالية (مثل كرة القدم الأمريكية أو الملاكمة) ربما يستفيدون من الكرياتين كإجراء وقائي عصبي. وقد ذهبت الجمعية الدولية للتغذية الرياضية إلى توصية هؤلاء الرياضيين بتناول الكرياتين باستمرار للمساهمة في حماية أدمغتهم قدر الإمكان من آثار الإصابات المتكررة.

أخيرًا، يتمتع الكرياتين بتاريخ من الاستخدام في مجال الصحة العامة فيما يخص كبار السن. مع التقدم في العمر، تتناقص كتلة العضلات وقوتها في ظاهرة تسمى ساركوبينيا (Sarcopenia). أثبتت الأبحاث الحديثة أن الكرياتين جنبًا إلى جنب مع تمارين المقاومة يمكن أن يساعد كبار السن على زيادة قوة عضلاتهم وتحسين قدرتهم الوظيفية، كما ورد في مراجعة علمية حول تأثير الكرياتين على التقدم في العمر . عدة تحاليل منهجية أشارت إلى أن كبار السن الذين يمارسون تمارين القوة ويحصلون على مكمل الكرياتين يحققون مكاسب عضلية ووظيفية أكبر من أولئك الذين يتمرنون بدون كرياتين، بحسب نفس المصدر العلمي . بل إن هناك دلائل على فوائد محتملة للكرياتين في تعزيز صحة العظام أيضًا لدى المسنين عند استخدامه مع التمارين، حيث وُجد أنه قد يساهم في زيادة كثافة معادن العظام في الأطراف العلوية ويقلل من معدل فقدان العظم، كما أوضحت دراسة حديثة عن الكرياتين وكثافة العظام لدى كبار السن .

خلاصة الفوائد

يمكن تلخيص ما سبق بأن مكملات الكرياتين:

  1. تعزز الأداء العضلي عالي الشدة (مزيد من القوة والتكرارات) .
  2. تزيد المكاسب العضلية الخالية من الدهون مع التدريب المستمر .
  3. تُحسِّن من تعافي العضلات وتقلل التلف والتشنجات والإصابات المرتبطة بالتمرين .
  4. تساعد في تحمل ظروف التدريب القاسية كالحرارة العالية أو فترات التمرين المتقاربة .
  5. قد تقدم فوائد معرفية وعصبية محتملة وتساهم في الصحة على المدى الطويل في بعض الفئات (لكن هذا مجال بحث نشط ومستمر).

كل هذه الفوائد جعلت الكرياتين يُلقب بأنه "أكثر المكملات المدعمة بالأدلة في عالم الرياضة". حتى أن الهيئات العلمية الرياضية المرموقة كأكاديمية التغذية وعلم التغذية، والكلية الأمريكية للطب الرياضي، واللجنة الأولمبية الدولية، كلها أقرت في تقاريرها بأن الكرياتين مكمل فعال وآمن يمكن أن يفيد شريحة واسعة من الرياضيين عند استخدامه بشكل مناسب. وبطبيعة الحال، الانتشار الواسع لاستخدام الكرياتين في الصالات الرياضية وعلى مستوى المنافسات هو دليل عملي آخر على ثقة الرياضيين والمدربين بخلاصة هذه الأبحاث.

الآن، ورغم كل هذه الفوائد المثبتة، يبقى هناك قدر لا بأس به من اللغط والمعلومات الخاطئة التي تتناقل حول الكرياتين. في القسم التالي، سنواجه وجهاً لوجه أشهر الخرافات والمخاوف التي تدور في أذهان الناس عندما يُذكر الكرياتين، وسنرى ما الذي يقوله العلم بخصوص كل منها.

الخرافات الشائعة حول مكمل الكرياتين

على الرغم من كثرة الأبحاث العلمية حول الكرياتين، لا يزال هناك عدد من المفاهيم الخاطئة والأساطير التي تثير قلق البعض وتحول دون استفادتهم منه. سنناقش أدناه أبرز الأسئلة والادعاءات الشائعة حول مكملات الكرياتين، ونبيّن مدى صحتها استنادًا إلى الأدلة العلمية المتوفرة:

الخرافة 1: "الكرياتين يؤدي إلى احتباس الماء بشكل ضار ويجعلك منتفخًا"

الحقيقة العلمية: نعم، يسبب الكرياتين شيئًا من احتباس الماء الداخل عضلي في المرحلة الأولية من استخدامه، لكن هذا التأثير ليس ضارًا ولا يستمر بالتفاقم على المدى الطويل. ما يحدث هو أن الكرياتين مادة تناضحية؛ بمعنى أنه يسحب الماء نحو الخلايا العضلية عندما يدخلها. لذلك عند بدء تناول جرعات عالية منه فجأة (مثلاً خلال مرحلة التحميل التقليدية 20 غرام/اليوم لأول 5-7 أيام)، سترى زيادة سريعة في الوزن بمقدار 1-3 كجم خلال أسبوع. هذه الزيادة تمثل ماءً مخزّنًا مع الكرياتين في العضلات، كما أوضحت دراسة علمية حول أثر الكرياتين على وزن الجسم واحتباس الماء . قد يبدو هذا مقلقًا ظاهريًا لمن لا يعرف، لكن في الواقع هذا أثر جانبي شائع وغير مؤذٍ، بل إن كثيرًا من الرياضيين يعدّونه أمرًا إيجابيًا لأنه يجعل عضلاتهم تبدو "ممتلئة".

الأهم هو ما يحدث بعد تلك الفترة الأولية: تشير الدراسات إلى أنه بعد التشبع الأوّلي، لا يستمر وزن الماء في الارتفاع بشكل كبير، ولا يحدث احتباس مائي مرضي تحت الجلد كما يخشى البعض. في تجارب امتدت لعدة أسابيع من التدريب مع تناول الكرياتين ، لم يلاحظ الباحثون أي زيادة مستمرة في إجمالي ماء الجسم (Total Body Water) مقارنة بمجموعة لم تتناول الكرياتين. أي أن جسمك ينظم توازن السوائل بسرعة ولا يجعل الماء يزداد بلا حدود في العضلات. على سبيل المثال، دراسة على رجال يمارسون رفع الأثقال تناولوا جرعة تحميل (~20 جم يوميًا) ثم جرعة صيانة (~5 جم يوميًا) لمدة 5 أسابيع، وجدت عدم وجود تغير ملحوظ في كميات المياه داخل أو خارج خلايا الجسم بنهاية التجربة، وفقًا لنفس المصدر العلمي . وهذا يدحض فكرة أنك ستصبح "مائيًا" أو منتفخ العضلات طوال فترة استخدامك للكرياتين.

من جهة أخرى، يجب التمييز بين احتباس الماء داخل العضلة (وهو ما يفعله الكرياتين غالبًا) واحتباس الماء تحت الجلد الذي يسبب مظهر الانتفاخ أو الوذمة. الكرياتين يزيد الماء في خلايا العضلات نفسها وليس في الفراغ تحت الجلد. لذا غالبًا لن يبدو وجهك أو خصرك منتفخًا بسببه، وإنما العضلات نفسها قد تبدو أكبر حجمًا بقليل وهذا أمر مرغوب عادة. وطالما كنت تشرب كمية كافية من الماء يوميًا وتحافظ على ترطيب جسمك، فإن هذا التوازن سيكون صحيًا تمامًا. بل إن الكرياتين بهذا المعنى يساعد العضلات على الاحتفاظ بالماء والعناصر الغذائية داخلها، مما قد يساهم في تحسين عمليات البناء العضلي.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أن البعض يبلغون عن شعورهم بالعطش أكثر عند بدء الكرياتين. هذا منطقي لأن العضلات تسحب المزيد من الماء من الدم نحوها. لذا ننصح فعلًا بشرب كميات كافية من الماء عند تناول الكرياتين – حوالي 3 لتر يوميًا – ليس لأن الكرياتين خطر يسبب جفافًا، بل لمساعدة جسمك في توزيع الماء بشكل مثالي وتجنب أي جفاف محتمل خارج العضلات.

خلاصة القول: الكرياتين يؤدي إلى احتباس ماء عابر ومعتدل داخل العضلات (مما يزيد وزن الجسم قليلًا بشكل مؤقت)، لكنه لا يسبب احتباسًا مفرطًا أو مستمرًا للماء ولا يجعل مظهرك منتفخًا بشكل غير صحي على المدى الطويل، كما أكدت دراسة علمية حول تأثير الكرياتين على توازن السوائل في الجسم . هذا الأثر طبيعي ومعروف وبعيد عن الضرر، ويمكن التحكم فيه بشرب كمية كافية من السوائل. بل إن الترطيب الداخلي للعضلات قد يكون مفيدًا للأداء كما ذكرنا سابقًا.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين يؤدي إلى احتباس الماء بشكل ضار ويجعلك منتفخًا
الحقيقة العلمية يؤدي الكرياتين إلى احتباس ماء داخلي مؤقت داخل العضلات فقط، دون تأثير سلبي أو انتفاخ مرضي
مرحلة التحميل زيادة مؤقتة في الوزن (1-3 كجم) بسبب تخزين الماء مع الكرياتين داخل العضلات
بعد التشبع لا تحدث زيادة مستمرة في ماء الجسم ولا يوجد احتباس تحت الجلد
مكان احتباس الماء داخل الخلايا العضلية، وليس تحت الجلد
تأثير الشكل العضلي العضلات قد تبدو "ممتلئة" قليلاً وهو تأثير مرغوب عند الرياضيين
التوصيات شرب ~3 لتر ماء يوميًا لدعم توزيع الماء وتجنب الجفاف

الخرافة 2: "الكرياتين نوع من الستيرويدات البنائية (هرمون منشط)"

هذه واحدة من أكثر المفاهيم الخاطئة انتشارًا. كثيرًا ما تسمع أشخاصًا يقولون أو يظنون أن مكمل الكرياتين هو "ستيرويد" أو هرمون صناعي يعمل مثل منشطات كمال الأجسام. هذا الادعاء خاطئ تمامًا.

الحقيقة العلمية: الكرياتين ليس هرمونًا ولا يرتبط كيميائيًا بالستيرويدات على الإطلاق. الستيرويدات البنائية (Anabolic Steroids) هي مشتقات اصطناعية لهرمون التستوستيرون الذكري، تعمل عن طريق دخول الخلايا والارتباط بمستقبلات الأندروجين لتغيير التعبير الجيني وزيادة تخليق البروتين في العضلات، كما ورد في مراجعة علمية حول آلية عمل الستيرويدات البنائية . أما الكرياتين فآليته مختلفة كليًا كما شرحنا؛ إنه مركب مغذي يشبه في وضعه الفيتامينات أو الأحماض الأمينية، وظيفته تأمين الطاقة السريعة للخلية. الكرياتين لا يدخل نواة الخلية لتغيير الجينات، ولا يحفز إنتاج البروتين العضلي بشكل مباشر. تأثيره على نمو العضلات غير مباشر، عبر تمكينك من التدريب بشدة أعلى وبالتالي الحصول على تحفيز أكبر لنمو العضلات مع مرور الوقت، بحسب دراسة حول دور الكرياتين في الأداء العضلي .

من الناحية التركيبية، الفرق شاسع: جزيء الكرياتين أصغر بكثير وبنية كيميائية مختلفة تمامًا عن هيكل الستيرويدات (التي هي عبارة عن أربع حلقات كربونية مدمجة). لذا، من حيث التركيب الكيميائي، الكرياتين ليس ستيرويدًا قطعًا، كما أكدت مراجعة علمية حول تصنيف الكرياتين . هو أشبه ما يكون بمركب شبيه بالأحماض الأمينية كما ذكرنا، ويمكن لجسمك إنتاجه من الغذاء.

أيضًا، قانونيًا وتصنيفيًا: تُصنّف الستيرويدات البنائية كأدوية وعقاقير خاضعة للرقابة، وهي ممنوعة في الرياضة الاحترافية وتحتاج إلى وصفة طبية لاستخدامها، كما أنها تندرج تحت الجداول المحظورة للمخدرات في العديد من الدول، وفقًا لـنصوص قانونية فدرالية في الولايات المتحدة حول الستيرويدات . في المقابل، الكرياتين يُباع كمكمل غذائي طبيعي بشكل قانوني تمامًا، ولا يعتبره أي اتحاد رياضي مادةً محظورة. هو متاح للشراء مثل البروتين وبقية المكملات، ولا توجد قيود قانونية على حيازته أو تناوله، كما أوضحت الهيئات التنظيمية ضمن قانون التعليم الصحي والتغذية . لو كان فعلًا ستيرويدًا، لما كان بإمكانك شراؤه بحرية من أي متجر مكملات.

إذن لماذا يظن البعض ذلك؟ قد يرجع السبب إلى مفعول الكرياتين الملحوظ في تحسين القوة والحجم العضلي، ما يجعل البعض يربطه في ذهنه بالستيرويدات المحظورة. وربما لعبت بعض وسائل الإعلام والتقارير القديمة دورًا في تضخيم المخاوف. ولكن يجب أن نفرّق بين الأمرين بوضوح: الكرياتين يعطي دفعة طبيعية ومحدودة للأداء ضمن حدود فسيولوجية، بينما الستيرويدات البنائية تغيّر هرمونات الجسم وتدفع النمو العضلي إلى مستويات غير طبيعية (وغالبًا مع آثار جانبية خطرة).

خلاصة القول: الكرياتين ليس منشطًا هرمونيًا ولا يندرج تحت الستيرويدات بأي شكل، كما تؤكد الهيئات التنظيمية المختصة بالمكملات . يمكنك اعتباره شبيهًا بمكمل غذائي يمد عضلاتك بطاقة إضافية، وهو قانوني بالكامل وآمن عند الاستخدام السليم. مقارنة تأثير الكرياتين بتأثير الستيرويدات يشبه مقارنة تفاحة بشرائح اللحم كما يعبّر بعض الخبراء؛ الفئتان مختلفتان جوهريًا . لذا اطمئن، فلن تتعرض لمخاطر ومشاكل المنشطات عند تناولك الكرياتين.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين نوع من الستيرويدات البنائية (هرمون منشط)
الحقيقة العلمية الكرياتين ليس ستيرويدًا ولا يؤثر هرمونيًا، بل هو مركب مغذي طبيعي يعمل بطريقة مختلفة تمامًا
التركيب الكيميائي الكرياتين مركب بسيط شبيه بالأحماض الأمينية، بينما الستيرويدات هي مشتقات هرمونية معقدة
آلية التأثير الكرياتين لا يغير التعبير الجيني ولا يحفز البروتين مباشرة، بل يحسن الأداء التدريبي
الوضع القانوني يباع كمكمل غذائي قانوني وآمن، غير محظور في الرياضة
المقارنة في التأثير يعطي دفعة طبيعية محدودة ضمن الحدود الفسيولوجية، بعكس الستيرويدات التي تعزز النمو الهرموني بشكل غير طبيعي
الخلاصة الكرياتين ليس منشطًا ولا يصنّف كستيرويد، وهو آمن عند الاستخدام السليم ولا يسبب نفس أضرار الستيرويدات

الخرافة 3: "الكرياتين يسبب أضرارًا للكلى (أو الكبد) مع الاستعمال الطويل"

ربما هذه هي الخرافة الأكثر انتشارًا والتي تجعل البعض مترددًا جدًا أو رافضًا لتجربة الكرياتين. تتكرر الادعاءات بأن الكرياتين يؤدي إلى فشل كلوي أو يرفع إنزيمات الكبد بشكل خطير، خاصة عند استخدامه لفترات طويلة. فما الحقيقة؟

الحقيقة العلمية: حتى اليوم، لا يوجد أي دليل علمي موثوق على أن تناول الكرياتين بجرعاته الموصى بها يسبب ضررًا للكلى أو الكبد لدى الأشخاص الأصحاء، كما أكدت مراجعة علمية شاملة حول سلامة الكرياتين . لقد تمت دراسة سلامة الكرياتين على مدى أكثر من 20 سنة في عشرات الأبحاث السريرية، والخلاصة التي توصل إليها الخبراء مرارًا هي أن الكرياتين آمن على وظائف الكلى طالما أن الشخص سليم ويتناول الجرعات الصحيحة، كما ورد في تحليل سريري لحالات تناول الكرياتين . حتى الجمعية الدولية للتغذية الرياضية (ISSN) صرّحت في موقفها الرسمي بأن "لا توجد آثار سلبية مؤكدة للكرياتين على وظائف الكلى أو الأعضاء لدى الأفراد الأصحاء الذين يتناولونه بالجرعات الموصى بها"، وهو ما أكدته التوصيات الرسمية للمنظمة .

من أين جاءت إشاعة الكلى إذن؟ يعود أصل القصة إلى تقرير حالة فردية نُشر عام 1998 عن شاب لديه مرض كلوي مسبق (التهاب كبيبات الكلى البؤري) تناول جرعة عالية من الكرياتين لبضعة أسابيع، فوجد طبيبه ارتفاعًا في مستوى الكرياتينين في دمه، كما ورد في تقرير الحالة الأصلي . اعتقد الطبيب حينها أن تدهور حالة كليته مرتبط بالكرياتين وطلب منه إيقافه. لكن ما فات التقرير وقتها هو أن ارتفاع الكرياتينين في الدم يحدث طبيعيًا عند تناول الكرياتين، لأنه بمجرد دخول الكرياتين إلى الجسم قد يتحول جزء صغير منه إلى كرياتينين ويتم طرحه في البول، كما توضح الآلية الفسيولوجية لتحوّل الكرياتين إلى كرياتينين . والكرياتينين هو ناتج تفكك الكرياتين ويتم إخراجه عبر الكلى بشكل طبيعي. بمعنى آخر، مجرد تناول الكرياتين سيُظهِر فحص الدم ارتفاعًا في الكرياتينين دون أن يعني ذلك ضررًا أو انخفاضًا في وظيفة الكلى، وهو ما أوضحته تحليلات لاحقة حول دقة تفسير نتائج فحوص الدم . هذا الالتباس في فهم التحليل هو ما أدى لذلك الاستنتاج الخاطئ. لاحقًا، نشر العديد من الباحثين (منهم Persky وRawson) رسائل وانتقادات في المجلات العلمية موضحين أن تلك الحالة لا تثبت شيئًا، وأن هناك دراسات قبله وبعده لم تظهر أي تأثير سلبي للكرياتين على الكلى، كما أكدت مراجعة نقدية لأبحاث السلامة السريرية . كما اتضح أن حالة المريض كانت معقدة بعوامل أخرى مثل مرض كلى مزمن وأدوية مثبطة للمناعة كان يتناولها، وهو ما أكدته المراجعات الإضافية لحالات مشابهة .

منذ ذلك الحين، أُجريت العديد من الدراسات المضبوطة: على رياضيين، وعلى أشخاص عاديين، وبعضها امتد لمدة تصل إلى 5 سنوات من تناول الكرياتين بشكل متواصل، حيث تمت خلالها مراقبة وظائف الكلى والكبد وغيرها. النتيجة المتكررة: لا فروق ذات دلالة إحصائية بين من يتناولون الكرياتين ومن لا يتناولونه في معدلات الترشيح الكلوي أو مستويات الكرياتينين (بعد الفترة الأولية) أو مؤشرات وظائف الكبد، بحسب دراسة تحليلية طويلة المدى على سلامة الكرياتين . في إحدى الدراسات المطوّلة، تناول رياضيون 5 جم كرياتين يوميًا لمدة 21 شهرًا (قرابة سنتين) وأجريت لهم فحوص دم دورية، ولم يظهر أي تأثير ضار على الكلى مقارنة بالمجموعة الضابطة، كما أوضحت الدراسة السريرية طويلة الأمد . كذلك، دراسة أخرى راقبت الرياضيين لعدة سنوات من المكملات عالي الجرعة ولم تجد أي زيادة في حدوث مشاكل كلوية لديهم.

بالطبع، عندما نقول "سليم صحيًا" فنحن نستثني من لديهم أصلًا مشكلات في الكلى. مريض الكلى المزمن قد يُنصح عمومًا بتجنب أي مكملات غير ضرورية واستشارة طبيبه؛ ليس لأن الكرياتين "سم" بحد ذاته، ولكن لأن أي شيء قد يربك الفحوص أو يضغط على كليته المتعبة يُفضل تجنبه. أيضًا ينبغي دائمًا الاعتدال: لا معنى مثلًا لتناول 30 أو 40 جرامًا من الكرياتين يوميًا لفترات طويلة، فهذه جرعات غير ضرورية بتاتًا وربما تزيد العبء على الكلى في تصفية الكم الزائد منه، كما أوضحت مراجعة علمية حول الجرعة والسلامة في حالات القصور الكلوي . الجرعة الموصى بها عادة (3-5 جم يوميًا) تعتبر ضمن نطاق ما يحصل عليه الرياضي من نظام غذائي عالي اللحوم، لذا فالجسم معتاد على مثل هذه الكمية. حتى الدراسات التي استخدمت جرعات أعلى مؤقتًا (20 جم يوميًا لعدة أسابيع) لم تجد مشاكل صحية تذكر، سوى ربما بعض الاضطراب الهضمي في حالات قليلة.

أما الكبد، فذكره أقل شيوعًا في سياق الكرياتين، لكن بعضهم قد يتساءل: هل يرفع إنزيمات الكبد؟ لا توجد بيانات تشير إلى ذلك لدى الأشخاص الأصحاء. الكبد يشارك في تخليق الكرياتين الداخلي، لكنه لا يتأثر سلبًا عند تناولنا للكرياتين الخارجي. أظهرت فحوص الدم في دراسات الكرياتين أن إنزيمات الكبد لم ترتفع عن الطبيعي بسبب المكمل، كما ورد في نتائج الفحوص المخبرية لمكمل الكرياتين على الكبد . إحدى الدراسات على لاعبي هوكي تناولوا الكرياتين لمدة 8 أسابيع أظهرت عدم تغير أي من وظائف الكبد أو علامات الالتهاب مقارنة بالمجموعة الضابطة، بحسب نفس المصدر العلمي .

خلاصة القول: تناول الكرياتين بجرعة 5 جرام يوميًا (أو 0.1 جم لكل كجم من وزن الجسم تقريبًا) آمن تمامًا على الكلى والكبد لدى الشخص السليم، كما أكدت دراسات متعددة راقبت وظائف الأعضاء خلال فترات استخدام طويلة . لم توثق الأبحاث أي أضرار عضوية من هذا القبيل طيلة عقود من الدراسة والاستخدام. الارتفاع في الكرياتينين عند فحص الدم هو نتيجة حميدة ومتوقعة عند مكمل الكرياتين، ولا يعني تلف الكلى، كما أوضحت التحليلات البيوكيميائية لفحوص الدم . بل يجب على الأطباء الانتباه لهذا السياق عند قراءة النتائج. بطبيعة الحال، إن كان لديك مشكلة كلوية مسبقًا أو تتناول أدوية تؤثر على الكلى، فاستشر طبيبك قبل استخدام أي مكمل. أما الإنسان الصحيح البدن، فلا داعي للقلق من شائعات "تدمير الكلى"، فـالعلم يقول عكس ذلك بوضوح، كما تؤكد المراجعات الطبية الدقيقة .

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين يسبب أضرارًا للكلى أو الكبد عند استخدامه لفترات طويلة
الحقيقة العلمية الكرياتين آمن تمامًا على الكلى والكبد لدى الأصحاء، ولم تُثبت أي دراسة موثوقة وجود ضرر عند الجرعات الموصى بها
مصدر الخرافة تقرير حالة فردية من عام 1998 على مريض كلى مسبقًا، فُسّر خطأً بسبب ارتفاع طبيعي في الكرياتينين
شرح ارتفاع الكرياتينين يحدث طبيعيًا عند تناول الكرياتين ولا يعني ضررًا كلويًا، بل ناتج عن تحوّله إلى كرياتينين يُطرَح عبر البول
نتائج الدراسات طويلة الأمد دراسات لمدة تصل إلى 5 سنوات لم تسجل أي تدهور في وظائف الكلى أو الكبد لدى الرياضيين أو غيرهم
الجرعة الآمنة 3-5 جرام يوميًا تعتبر آمنة تمامًا وتشبه ما نحصل عليه من نظام غذائي عالي البروتين
الفئات المستثناة مرضى الكلى المزمنة أو من يتناولون أدوية تؤثر على الكلى يجب أن يستشيروا الطبيب قبل الاستخدام
الوضع بالنسبة للكبد لا يرفع إنزيمات الكبد لدى الأصحاء ولم تُسجَّل أي آثار سلبية في الدراسات السريرية
الخلاصة الكرياتين لا يسبب أي ضرر للكلى أو الكبد عند استخدامه بالشكل الصحيح من قبل أشخاص أصحاء، وشائعة الضرر غير مدعومة علميًا

الخرافة 4: "الكرياتين يسبب تساقط الشعر أو الصلع"

هذه الخرافة حديثة العهد نسبيًا، لكنها انتشرت كالنار في الهشيم على الإنترنت. يعود أصلها إلى دراسة صغيرة أُجريت عام 2009 على لاعبي الرغبي في جنوب أفريقيا، حيث أعطوا اللاعبين جرعات تحميل من الكرياتين لمدة 3 أسابيع وقاسوا مستويات بعض الهرمونات لديهم. وُجد ارتفاع في مستوى هرمون الدايهدروتستوستيرون (DHT) بنسبة حوالي 40%، كما ورد في الدراسة الأصلية التي أثارت الجدل . وهرمون DHT معروف بأنه يلعب دورًا في الصلع الوراثي (androgenetic alopecia) لدى الذكور الذين لديهم استعداد جيني. بناءً على تلك الدراسة (رغم أنها لم تقس فعليًا أي تساقط شعر بل مجرد هرمون) انتشر التخوف أن "الكرياتين يسبب الصلع أو يسرّعه".

الحقيقة العلمية: حتى وقت قريب، كانت الأدلة المتوفرة محدودة جدًا حول هذا الأمر. الدراسة المذكورة واحدة، ولم تتمكن دراسات أخرى من تكرار نتيجتها الحاسمة. أحدث وأقوى دليل لدينا حتى الآن جاء في عام 2025؛ حيث نُشرت تجربة سريرية محكمة لمدة 12 أسبوعًا درست العلاقة بين الكرياتين وصحة الشعر بشكل مباشر. في هذه التجربة، قام باحثون (Lak وآخرون 2025) بتقسيم 38 شابًا إلى مجموعتين: مجموعة تتناول 5 جم كرياتين يوميًا، ومجموعة تتناول دواءً وهميًا، واستمروا 3 أشهر مع إجراء اختبارات قبل وبعد. الأهم أنهم فحصوا بصيلات الشعر وكثافة الشعر وسماكته باستخدام أجهزة تحليل الشعر المتخصصة (مثل فوتوفايندر)، وقاسوا مستويات هرمونات التستوستيرون وDHT في الدم قبل وبعد، وفقًا لتفاصيل البحث السريري الأحدث حول الكرياتين والشعر .

كانت النتائج مطمئنة للغاية: لم يجدوا أي فرق بين مجموعة الكرياتين ومجموعة placebo في أي من مؤشرات نمو الشعر أو تساقطه . عدد الشعر في السنتيمتر المربع، نسبة الشعر النشط، سماكة الشعر – كلها لم تتأثر سلبًا. كما أن مستويات هرمون DHT لم تختلف اختلافًا يُعتد به بين المجموعتين بنهاية الدراسة، كما ورد في نتائج المقارنة بين المجموعتين . بعبارة أخرى، هذه الدراسة تقدم أدلة قوية ضد فكرة أن الكرياتين يسبب تساقط الشعر، وهو ما أوضحته بوضوح فقرة الاستنتاج النهائي للدراسة . لم يظهر أن الكرياتين يزيد الـDHT بشكل يدعو للقلق، وإن حصل ارتفاع طفيف فهو ضمن التقلب الطبيعي ولم يصاحبه أي أثر على الشعر فعليًا.

إضافة لذلك، قام الباحثون بفحص فروات رؤوس المشاركين بدقة ولم يجدوا أية علامات على زيادة ضعف بصيلات الشعر أو دخولها في مرحلة الراحة (التساقط). وهكذا خلصوا إلى أن الكرياتين لا يبدو أنه يؤثر على صحة الشعر لدى الشباب الأصحاء، بحسب الاستنتاج النهائي للدراسة . وهذه أول دراسة من نوعها مباشرة حول هذا الموضوع.

بالرجوع قليلًا، أغلب الأدلة قبل 2025 كانت تشير ضمنيًا لنفس الاستنتاج. فمثلاً، مراجعة منهجية حديثة عام 2021 ذكرت أنه "لا يوجد ما يدل على أن الكرياتين يزيد من مستويات التستوستيرون أو DHT بدرجة تسبب الصلع"، كما ورد في مقال ويكيبيديا عن الكرياتين . وتقرير آخر أوضح أنه لا يوجد رابط مباشر مؤكد بين الكرياتين وتساقط الشعر، بحسب رأي خبراء الجلدية .

فلماذا إذن ارتفعت الـDHT في دراسة 2009 تلك؟ إحدى الفرضيات أن الجرعة العالية جدًا التي استُخدمت وطريقة أخذ العينات ربما لعبت دورًا في ذلك القياس، أو ربما كانت تلك زيادة مؤقتة ضمن الحدود الطبيعية. لكن الأهم أننا الآن نملك بيانات أقوى تنفي وجود تأثير مستمر.

بالطبع، إذا كان لديك استعداد وراثي قوي للصلع وستفقد شعرك عاجلاً أم آجلاً بسبب هرموناتك، فلن يمنع الكرياتين ذلك (كما أنه لا يسببه في المقام الأول). هناك أمور عديدة تؤثر على صحة الشعر أكثر بكثير من الكرياتين (مثل التوتر، التغذية، الأدوية، الهرمونات، إلخ). لكن اطمئن – وفق المعطيات الحالية الكرياتين كمكمل لا يشكّل خطرًا مؤكدًا على شعرك. وإذا كنت لا تزال متوجسًا، يمكنك دائمًا مراقبة الأمر بنفسك؛ جرب المكمل بضعة أشهر وشاهد إن كان هناك أي تغير غير اعتيادي في شعرك (على الأغلب لن تجد فرقًا).

خلاصة القول: لا تدعم الأدلة العلمية الحديثة فكرة أن الكرياتين يسبب تساقط الشعر أو الصلع. دراسة 2025 عالية الجودة لم تجد أي تأثير سلبي على صحة الشعر مع مكملات الكرياتين، كما ورد في الاستنتاج النهائي للدراسة . وبالتالي، هذه الخرافة تبدو غير صحيحة. بالطبع إن كنت أصلع بالفعل فلن ينبت لك شعر بتناول الكرياتين – فهو ليس علاجًا للشعر أيضًا! لكنه بالتأكيد ليس سببًا للصلع.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين يسبب تساقط الشعر أو الصلع
الحقيقة العلمية لا توجد أدلة علمية تثبت أن الكرياتين يسبب الصلع أو يؤثر سلبًا على صحة الشعر لدى الأصحاء
مصدر الخرافة دراسة واحدة عام 2009 أظهرت ارتفاعًا في هرمون DHT، لكنها لم تفحص تساقط الشعر فعليًا
أحدث الدراسات دراسة عام 2025 لم تجد أي فرق في كثافة أو صحة الشعر بين مستخدمي الكرياتين ومجموعة الدواء الوهمي
مستوى هرمون DHT لم يزد بشكل يُعتد به علميًا ولم يرتبط بتغير في نمو الشعر أو تساقطه
آراء الخبراء أطباء الجلدية والمراجعات العلمية يؤكدون عدم وجود علاقة مثبتة بين الكرياتين وتساقط الشعر
الخلاصة الكرياتين لا يسبب تساقط الشعر ولا الصلع حسب الأدلة الحديثة، وتخوف الناس مبني على سوء فهم

الخرافة 5: "الكرياتين يؤدي إلى الجفاف وتشنجات العضلات"

يأتي هذا الادعاء من منطلق أن الكرياتين يسحب الماء إلى العضلات، فيُعتقد أنه يسبب جفاف باقي الجسم أو يعرّض العضلات للتشنج نتيجة اختلال الإلكتروليت. هذه المخاوف ظهرت خاصة في أوائل الألفينات بين بعض المدربين الرياضيين الذين لاحظوا إصابة لاعبين بالتشنجات وربطوها بالكرياتين دون دليل واضح. فلنرَ ما يقوله البحث:

الحقيقة العلمية: الكرياتين لا يسبب الجفاف أو التشنجات العضلية – بل ربما العكس تمامًا! لقد درست أبحاث عديدة هذا الجانب تحديدًا لأن سلامة الرياضي أثناء الجهد أمر بالغ الأهمية. في مسح كبير شمل مئات الرياضيين الجامعيين، لم يكن معدل الشكوى من التشنجات أو أعراض التجفاف أعلى في من يتناولون الكرياتين مقارنة بغيرهم، وفقًا لهذه البيانات . كما أن دراستين رصدتا حالة لاعبي كرة قدم أمريكية خلال معسكرات تدريب صيفية حارة (حيث يشيع حدوث شد عضلي وتشنجات) وجدت أن اللاعبين الذين كانوا يستخدمون الكرياتين فعليًا عانوا تشنجات وشد عضلي أقل من زملائهم الذين لم يستخدموه، بحسب نتائج الرصد الميداني . إحدى هذه الدراسات أشارت إلى انخفاض ملحوظ في نسبة التشنجات العضلية والإصابات المرتبطة بالجفاف والشد الحراري في مجموعة الكرياتين بنسبة تفوق 50% مقارنة بالمجموعة الأخرى، كما ورد في نتائج المقارنة النهائية .

التفسير المحتمل لذلك أن الكرياتين يحسّن حالة ترطيب العضلات الداخلية كما ذكرنا، وربما يزيد من حجم الدم أو يساعد الجسم في الاحتفاظ بالماء بشكل مفيد أثناء الإجهاد الحراري، وفقًا لما ورد في هذه المراجعة . كذلك قد يساعد الكرياتين على تخزين كمية أكبر من الإلكتروليتات (مثل الصوديوم والبوتاسيوم) داخل العضلات مع الماء، مما يقلل من اختلال التوازن الذي يؤدي للتشنج.

بالطبع، لا يعني هذا إهمال شرب الماء أو الأملاح – على الرياضي أن يحافظ على الترطيب الجيد سواء أخذ الكرياتين أم لا. لكن الكرياتين ليس هو السبب في حدوث الجفاف. في الحقيقة، حين يأخذ الشخص الكرياتين غالبًا يزداد وزنه كما قلنا (أي يزداد محتوى الماء في جسمه)، فكيف نقول إنه "يجففه"؟! يبدو التناقض واضحًا.

ربما ساهمت بعض التقارير الفردية القديمة في ترسيخ هذه الفكرة. مثلًا، نشر بعض الأطباء الرياضيين في التسعينات حالات للاعبين أصيبوا بتشنج عضلي أثناء التدريب واعترفوا أنهم كانوا يأخذون الكرياتين. ولكن التحليلات الأحدث وجدت أن تلك الحالات لم تأخذ بالاعتبار عوامل أخرى أكثر احتمالًا مثل نقص شرب الماء فعليًا، أو التدريب في جو حار دون تعويض الأملاح، أو الإفراط في جرعة الكرياتين المأخوذة (الكثير منهم كان يتناول جرعات عالية جدًا)، بحسب المراجعة العلمية الحديثة . وعندما ضُبطت الدراسات بشكل أفضل، لم يظهر أي ارتباط سببي بين الكرياتين والتشنج. بل على العكس، في دراسة متابعة على لاعبي كرة قدم أمريكية، تبين أن معدل الإصابات العضلية والتشنجات كان أقل لدى مستهلكي الكرياتين طوال موسم كامل، كما ورد في نتائج المتابعة طويلة المدى .

خلاصة القول: لن يُصيبك الكرياتين بالعطش الشديد أو تشنجات العضلات إن التزمت بالجرعات الصحيحة وحافظت على شرب السوائل. الأدلة العلمية تظهر بوضوح أن الكرياتين لا يسبب الجفاف أو الشد العضلي، كما ورد في التحليل العلمي الشامل . بل بعض الدراسات تشير إلى فوائد في تقليل التشنجات وتحسين القدرة على تحمل الحرارة عند استخدامه، كما هو موضح في نتائج الدراسة الميدانية . لذا لا تدع هذه الخرافة تمنعك من تجربة الكرياتين، فقط تذكر القاعدة الذهبية: اشرب ماءً كافيًا دائمًا عند تناول أي مكمل – وهذا أمر ينطبق على جميع المكملات وحتى الغذاء الغني بالبروتين، وليس خاصًا بالكرياتين وحده.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين يؤدي إلى الجفاف وتشنجات العضلات
الحقيقة العلمية الكرياتين لا يسبب الجفاف أو التشنجات، بل قد يساعد في تقليلها ويحسن ترطيب العضلات
مصدر الخرافة تقارير فردية قديمة ولا تستند إلى دليل علمي واضح، خاصة في التسعينات وبداية الألفينات
نتائج الدراسات الميدانية الرياضيون الذين تناولوا الكرياتين عانوا من تشنجات أقل مقارنة بغيرهم، خاصة في أجواء حارة
الآلية المحتملة الكرياتين قد يحسن احتباس الماء داخل العضلات ويساعد على تخزين الإلكتروليتات مثل الصوديوم والبوتاسيوم
الممارسات السليمة الترطيب الكافي ضروري دائمًا، سواء كنت تتناول الكرياتين أو لا، لتفادي الجفاف والتشنجات
الخلاصة لا علاقة بين الكرياتين والجفاف أو التشنج العضلي لدى الأصحاء، بل قد يحمي العضلات إذا استُخدم بشكل سليم

الخرافة 6: "الكرياتين مضر للمراهقين وصغار السن"

يتساءل الكثير من الآباء والمدربين: هل من الآمن أن يتناول ابني المراهق (الرياضي مثلًا في المدرسة) مكمل الكرياتين؟ هناك اعتقاد شائع بأن الكرياتين خطر على من هم دون 18 عامًا أو قد يوقف نموهم أو يسبب لهم مشاكل. لنرَ ما تقول الأبحاث:

الحقيقة العلمية: لم تظهر الدراسات المحدودة التي أجريت على المراهقين أي مخاطر خاصة من الكرياتين عليهم، بل تشير بعض الأدلة إلى أنه آمن وربما مفيد لمن هم في سن النمو أيضًا، وفقًا لما ورد في تحليل علمي نُشر في المكتبة الوطنية الأمريكية للطب . الجمعية الدولية للتغذية الرياضية (ISSN) نظرت في هذا الموضوع ووجدت أنه "لا توجد دلائل علمية على أن الكرياتين يسبب ضررًا للأطفال أو المراهقين الأصحاء"، بحسب ما جاء في توصياتها العلمية الرسمية . بالطبع، عدد الدراسات على هذه الفئة العمرية ليس كبيرًا كالبالغين، لكن المتوفر منها مطمئن.

على سبيل المثال، هناك دراسة مشهورة على رياضيين شباب (متوسط العمر 16 عامًا) تناولوا الكرياتين لمدة قصيرة مع برنامج تدريب، فلم يظهر أي أثر سلبي على نموهم أو صحتهم العامة مقارنة بغيرهم، وذلك بحسب الدراسة المنشورة في المكتبة الوطنية الأمريكية للطب . كما أن فحوص الدم لوظائف الأعضاء جاءت طبيعية تمامًا. بل ظهرت منفعة لديهم بزيادة الأداء العضلي كما يحدث لدى البالغين.

ليس هذا فقط، بل تم استخدام الكرياتين علاجيًا في بعض الحالات الطبية للأطفال. مثلاً، دراسة على أطفال مصابين بضمور عضلي Duchenne (وهو مرض وراثي يؤدي لضعف العضلات) أعطوا جرعات من الكرياتين لعدة أشهر. النتيجة: تحسن في القوة العضلية والإداء الوظيفي دون أي آثار سلبية على الكلى أو النمو، كما ورد في نتائج الدراسة السريرية . وفي تجربة أخرى على أطفال تعرضوا لإصابة دماغية رضية، تم إعطاؤهم الكرياتين لعدة أشهر ولوحظ تحسن في حالتهم الإدراكية والتأهيلية مقارنة بمن لم يعطَ، وفقًا لما جاء في التقرير العلمي ذاته – وطبعًا لم تُرصد مشاكل صحية جراء ذلك.

من الحقائق المهمة أيضًا أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في أواخر عام 2020 أعلنت تصنيف الكرياتين كمادة "معترف بأنها آمنة بشكل عام (GRAS)" للاستخدام في الأغذية، كما ورد في بيان التصنيف الرسمي . وهذا التصنيف يشمل جميع الأعمار فيما عدا الرضّع والأطفال الصغار جدًا (لأن الدراسات لا تشملهم عادة). بمعنى أن FDA وجدت أن البيانات المتوفرة كافية لاعتبار الكرياتين آمنًا ضمن جرعاته العادية في المنتجات الغذائية، حتى لمن هم في سن المدرسة وما فوق، وفقًا لما ورد في المصدر العلمي ذاته .

رغم كل ذلك، ينصح الخبراء بأنه إذا أراد مراهق استخدام الكرياتين، يفضل أن يكون ذلك تحت إشراف مدرب مختص أو بعد استشارة طبية فقط للاحتياط. التأكد من عدم وجود مشكلات صحية خفية، وكذلك الحرص على الجرعة المناسبة لعمره ووزنه (عادة 3-5 جم كافية حتى للمراهقين). أيضًا من المهم تثقيف الشاب بأن المكمل ليس عصا سحرية ولا بديلاً عن التغذية السليمة والتدريب المناسب لعمره. حين تُستخدم المكملات ضمن برنامج رياضي مدروس وبجرعات صحيحة، لا يرى العلماء مانعًا من استفادة المراهقين الرياضيين منها.

خلاصة القول: الكرياتين لا يُظهر أضرارًا خاصة على المراهقين الأصحاء وفق ما لدينا من بيانات، بحسب الدليل العلمي المتاح حتى الآن . ومع ذلك، وبسبب قلة الأبحاث نسبيًا على هذه الفئة، يُنصح بالحذر: استشر طبيبًا أو أخصائي تغذية قبل إعطاء ابنك المكمل، وتأكد أن استخدامه يأتي لتحسين الأداء الرياضي ضمن برنامج تدريب متكامل وليس لمجرد التجربة العابثة. لكن القلق الكبير الذي يبالغ فيه البعض تجاه الكرياتين والمراهقين لا يستند إلى أدلة علمية متينة.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين مضر للمراهقين وصغار السن
الحقيقة العلمية الكرياتين لم يُظهر أضرارًا خاصة على المراهقين الأصحاء عند استخدامه بجرعات مناسبة وتحت إشراف مختص
موقف الجمعيات العلمية ISSN تؤكد عدم وجود دلائل على ضرر الكرياتين للمراهقين الأصحاء عند الاستخدام الصحيح
نتائج الدراسات أبحاث على مراهقين رياضيين أظهرت سلامة الكرياتين وعدم تأثيره على النمو أو وظائف الأعضاء
استخدامات طبية استخدم بنجاح في حالات مرضية لدى الأطفال مثل ضمور العضلات وإصابات الدماغ دون آثار جانبية خطرة
تصنيف هيئة FDA صنّفت الكرياتين كمادة آمنة (GRAS) للاستخدام الغذائي بما يشمل المراهقين
التوصيات الاحترازية يفضّل استشارة الطبيب أو المدرب، واستخدامه ضمن برنامج تدريبي مدروس وبجرعة مناسبة
الخلاصة لا دليل علمي على ضرر الكرياتين للمراهقين الأصحاء، والقلق المنتشر مبالغ فيه وغير مدعوم علميًا

الخرافة 7: "الكرياتين يزيد الدهون في الجسم أو يسبب سمنة"

يخلط البعض بين زيادة الوزن السريعة مع الكرياتين وبين زيادة الدهون. فيعتقدون أن الكرياتين ربما يجعلك أسمن أو يسبب تراكم الشحوم. أو ربما سمعوا أن الكرياتين يزيد الشهية أو يرفع سكر الدم مما يؤدي لزيادة الدهون. فما الحقيقة؟

الحقيقة العلمية: لا يوجد أي بحث يظهر أن الكرياتين يزيد دهون الجسم. بالعكس، في بعض الحالات ساعد الكرياتين على تقليل اكتساب الدهون عند استخدامه بشكل صحيح. زيادة الوزن المرتبطة بالكرياتين كما أوضحنا هي في كتلة العضلات (ماء وعضل)، وليس في الدهون.

في دراسة أُجريت على أطفال مرضى اللوكيميا كانوا يعانون من زيادة الوزن كأثر جانبي للعلاج الكيميائي، تم إعطاؤهم كرياتين لفترة ودراسة تغير تركيب أجسامهم. النتيجة كانت انخفاضًا في كتلة الدهون في المجموعة التي تناولت الكرياتين مقارنة بالمجموعة الضابطة التي لم تتناوله، كما ورد في الدراسة السريرية المنشورة . أي أن من أخذوا الكرياتين اكتسبوا عضلات أكثر ودهونًا أقل خلال فترة إعادة التأهيل الغذائي بعد العلاج. وفي دراسات على بالغين يتبعون تمارين مقاومة مع حمية مدروسة، أظهر من يتناولون الكرياتين انخفاضًا أكبر في نسبة الدهون وارتفاعًا أعلى في معدل الأيض مقارنة بغيرهم، بالرغم من زيادة وزنهم الإجمالي (بسبب العضلات) إلا أن نسبة الدهون من الكتلة الكلية انخفضت.

لا يعني ذلك أن للكرياتين بحد ذاته خصائص حارقة للدهون مثل الكافيين مثلًا، لكنه يساعد بشكل غير مباشر في التحكم بالدهون عبر زيادة الكتلة العضلية ورفع معدل الحرق الأساسي. العضلات نسيج نشط يستهلك سعرات، فكلما زادت عضلاتك ازداد أيضك حتى في الراحة. لذلك استخدام الكرياتين لبناء العضلات يمكن أن يصاحبه نزول نسبي في الدهون مع الوقت إذا كان غذاؤك متوازنًا.

وفي سياق التمارين، هناك فرضية أن الكرياتين يسمح لك بأداء تمارين عالية الشدة أكثر (مثل HIIT أو تدريبات القوة المتواترة)، وهذه التمارين تساهم في حرق سعرات حرارية عالية وفي تحسين حساسية الإنسولين. مما قد يسهل على جسمك استخدام الكربوهيدرات بشكل أفضل بدلاً من تحويلها لدهون.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الأشخاص قد يسيئون فهم ما يحدث: لنفترض شخصًا بدأ تناول الكرياتين وأوقف تمارينه ظنًا منه أنه سيبني عضلات دون جهد، ثم رأى وزنه يزيد (ماء) وشهيته ربما زادت قليلًا نتيجة التمرين، لكنه لم يمارس نشاطًا كافيًا، فقد يربط خطأً بين الكرياتين واكتساب الدهون. الحقيقة أن السعرات الفائضة هي التي تبني الدهون. الكرياتين يحتوي صفر سعرات تقريبًا (هو مادة لا طاقة فيها كالبروتين أو النشويات)، لذا لا يمكنه وحده جعل جسمك يراكم دهونًا.

بل إن إحدى الدراسات بيّنت أنه أثناء فترات التنشيف الغذائي (خفض السعرات لخسارة دهون)، تمكن رياضيون يتناولون الكرياتين من الحفاظ على عضلاتهم بشكل أفضل وخسروا دهونًا أكثر مقارنة بآخرين لم يأخذوه، كما ورد في الدراسة المشار إليها . وهذا منطقي لأن الكرياتين يحافظ على القوة خلال الحمية، وبالتالي يستطيع الرياضي الاستمرار برفع أوزان ثقيلة مما يصون عضلاته.

خلاصة القول: الكرياتين لا يزيد شحوم الجسم ولا يملك أثرًا سلبيًا على توزيع الدهون، كما تؤكد المراجعة العلمية الحديثة . الزيادة في الوزن معه ليست زيادة في الدهن بل في الماء والعضل. وربما يكون للكرياتين أثر إيجابي غير مباشر في تحسين تركيبة الجسم عبر دعم نمو العضلات وزيادة معدل الحرق. كما هو الحال دائمًا، المفتاح هو النظام الغذائي: إن تناولت من السعرات أكثر مما تحرق، ستكسب دهونًا سواء كنت تأخذ الكرياتين أم لا؛ والعكس صحيح.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين يزيد الدهون في الجسم أو يسبب سمنة
الحقيقة العلمية الكرياتين لا يزيد دهون الجسم، بل قد يساعد في تقليلها بشكل غير مباشر عبر دعم الكتلة العضلية وزيادة معدل الأيض
مصدر الالتباس زيادة الوزن مع الكرياتين تعود لماء وعضل، وليس لدهون. البعض يخلط بين الوزن الإجمالي والدهون
نتائج الدراسات أظهرت دراسات أن مستخدمي الكرياتين حافظوا على العضلات وخسروا دهونًا أكثر خلال الحميات أو برامج التأهيل
الآلية غير المباشرة الكرياتين يزيد الأداء والقوة، مما يرفع الكتلة العضلية ويزيد الحرق الأساسي للجسم
القيمة الحرارية للكرياتين الكرياتين لا يحتوي سعرات حرارية تقريبًا، ولا يسبب تراكم الدهون بنفسه
خلاصة الاستخدام عند استخدامه ضمن برنامج تمرين وغذاء متوازن، قد يساعد الكرياتين على تحسين تكوين الجسم وخفض نسبة الدهون

الخرافة 8: "يجب اتباع مرحلة تحميل الكرياتين وإلا لن يعمل بشكل جيد"

عادة ما يُنصح من يبدأ الكرياتين بأن يقوم بما يسمى “مرحلة تحميل Loading Phase”، أي تناول جرعة كبيرة (20 جرام في اليوم مقسمة) لمدة 5-7 أيام ليتشبع الجسم سريعًا، ثم الانتقال إلى جرعة الصيانة 5 جرام يوميًا. يظن البعض أنه إن لم يفعل ذلك فلن يستفيد، أو أن التحميل ضروري دائمًا. فهل هذا صحيح؟

الحقيقة العلمية: مرحلة التحميل ليست شرطًا إلزاميًا لفعالية الكرياتين، وإنما هي خيار لتشبّع العضلات بالكرياتين بشكل أسرع لا أكثر، كما توضّحه الدراسات المتعلقة باستراتيجيات الجرعات . بمعنى أنك إذا لم ترد أخذ الجرعات العالية في الأسبوع الأول، يمكنك البدء مباشرة بجرعة 3-5 جم يوميًا، وستصل عضلاتك لنفس مستوى التشبع تقريبًا ولكن في فترة أطول قليلًا.

التجارب العلمية دعمت هذا الأمر. في دراسة شهيرة قارن الباحثون بين مجموعتين: الأولى قامت بتحميل 20 جم/اليوم لمدة 6 أيام ثم 2 جم/اليوم صيانة، والأخرى أخذت 3 جم/اليوم بدون تحميل. بعد 4 أسابيع، قيست مستويات الكرياتين في عضلات المشاركين. النتيجة: وصلت المجموعتان لنفس مستوى الكرياتين تقريبًا في العضلات (~20% زيادة) بنهاية الفترة، وفقًا لما ورد في نتائج الدراسة . الفارق كان في التوقيت؛ مجموعة التحميل تشبعت سريعًا خلال الأسبوع الأول، بينما المجموعة الأخرى استغرقت حوالي 3-4 أسابيع لتحقيق نفس التشبع، بحسب التحليل ذاته . بالتالي، ليس هناك فرق في التأثير النهائي، سوى أن من حمل سيحصل على الفوائد مبكرًا خلال الأسبوع الأول، بينما من لم يحمل سيبدأ الشعور بالفائدة القوية بعد حوالي 3 أسابيع.

إذًا، متى يكون التحميل مفيدًا؟ عندما تحتاج لرفع مخزون الكرياتين لديك بسرعة لأجل هدف قريب. مثلاً، إذا كان لديك بطولة أو اختبار لياقة بعد أسبوعين وتريد الاستفادة القصوى في الوقت الضيق، فالتحميل يعبيء عضلاتك بالكرياتين خلال أيام، كما توضحه الدراسات المعتمدة في هذا السياق . أما إن كنت لا تستعجل، فالاكتفاء بجرعة يومية ثابتة سيؤدي الغرض مع مرور الأسابيع.

ميزة أخرى للابتعاد عن التحميل هي تجنّب بعض آثار الجهاز الهضمي المزعجة التي قد تحدث مع الجرعات العالية. كثير من الناس يواجهون انزعاجًا معويًا أو إسهالًا إذا أخذوا 20 جرام كرياتين في يوم واحد، خصوصًا لو دفعة واحدة. لهذا يُنصح عند التحميل بتقسيم الجرعة لأربع جرعات 5 جم موزعة، وشرب ماء كاف معها، كما تشير الدراسات التي تناولت هذا الجانب . رغم ذلك، تبقى احتمالية اضطراب المعدة قائمة للبعض. لذا، لو كنت تعرف أن معدتك حساسة، ربما من الأفضل لك تجنّب التحميل والاكتفاء بالجرعة اليومية الصغيرة المستمرة.

نقطة أخيرة: حتى مع التحميل، لا يُنصح بالاستمرار في الجرعات العالية لفترة طويلة. يكفي 5-7 أيام، بعدها عد لجرعة الصيانة (5 جم/يوم). لأن العضلات لها سقف للتخزين، وأي زيادة فوقه ستُطرح في البول ببساطة. وقد وجدت دراسة أن تجاوز 10 جم دفعة واحدة قد يسبب إسهالًا دون فائدة إضافية، كما ورد في البيانات السريرية المتوفرة .

خلاصة القول: لست مضطرًا لعمل تحميل للكرياتين – الكرياتين يعمل سواء حملت أم لا، كما تؤكد الدراسات التي تناولت الأداء العضلي والتخزين . التحميل فقط يملأ مخازن عضلاتك سريعًا خلال أيام بدل أسابيع. القرار يعتمد على أهدافك وسرعة حصولك على النتائج. بالنسبة لغالبية المستخدمين الذين لا يستعجلون أمرًا محددًا، جرعة 5 جم يوميًا من البداية كافية تمامًا. أما لو أردت انطلاقة سريعة وترغب برؤية زيادة الوزن (العضلي المائي) وتحسن الأداء في نفس الأسبوع، فالتحميل وسيلة لتحقيق ذلك.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة يجب اتباع مرحلة تحميل الكرياتين وإلا لن يعمل بشكل جيد
الحقيقة العلمية التحميل ليس ضروريًا، بل هو وسيلة لتسريع تشبع العضلات بالكرياتين فقط. الكرياتين يعمل حتى بدون تحميل
نتائج الدراسات بعد 3-4 أسابيع من جرعة 3-5 جم/يوم، تصل العضلات لنفس مستوى التشبع الذي يحققه التحميل خلال أسبوع
متى يكون التحميل مفيدًا؟ إذا أردت نتائج سريعة قبل مناسبة رياضية أو فترة قصيرة من التمرين المكثف
عيوب التحميل قد يسبب اضطرابًا في المعدة أو إسهالًا إذا لم تُقسَّم الجرعة، خاصة لأصحاب المعدة الحساسة
الجرعة الآمنة 5 جم يوميًا كافية تمامًا، ولا داعي لتجاوزها بعد أسبوع التحميل (إن تم)
الخلاصة مرحلة التحميل اختيارية وليست إلزامية. يمكنك الاستفادة من الكرياتين بشكل كامل باستخدام جرعة ثابتة فقط

الخرافة 9: "الكرياتين مفيد فقط لرياضات القوة واللاهوائية، ولا يفيد رياضات التحمل أو الأنشطة الأخرى"

شاع لفترة الاعتقاد أن مكمل الكرياتين ليس له أي دور خارج نطاق رفع الأثقال وبناء العضلات، وأن ممارسي رياضات التحمل (كالجري والسباحة وركوب الدراجات) أو الرياضات التي تتطلب مهارة ولياقة (ككرة القدم وكرة السلة) لن يستفيدوا منه وربما يضرهم بزيادة الوزن. لكن هل هذا دقيق؟

الحقيقة العلمية: صحيح أن الاستفادة الأكبر للكرياتين هي في أنشطة المقاومة والحركة اللاهوائية قصيرة المدى، إلا أن هناك فوائد متعددة يمكن لجميع الرياضيين استخلاصها من الكرياتين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما ورد في الأبحاث الحديثة التي ناقشت تنوع استخداماته . لقد أشارت أبحاث حديثة إلى عدد من الأسباب التي تجعل الكرياتين مفيدًا لطيف واسع من الرياضات:

  1. تعزيز مخزون الطاقة (الجليكوجين): كما ذكرنا، الكرياتين يمكن أن يرفع مخزون جليكوجين العضلات عند أخذه مع الكربوهيدرات، بحسب الدراسات الحديثة في هذا المجال . هذا مهم جدًا للرياضيين الذين يستهلكون الكثير من الطاقة مثل عدائي المسافات أو لاعبي الألعاب الجماعية الذين يركضون لفترات طويلة. فـامتلاء العضلات بالجليكوجين يعني قدرة تحمل أفضل وتأخر شعور التعب.
  2. تقليل تلف العضلات وتسريع الاستشفاء: الكرياتين يقلل من تلف الألياف العضلية بعد الجهد العنيف ويساعد على انتعاش العضلة، كما أظهرت الدراسات التي تناولت تأثيره بعد فترات التدريب المكثف . هذا يفيد الجميع، فسواء كنت رافع أثقال عانى من تمرين شاق أو عداء ركض طويلاً، سيكون تعافيك أسرع مع الكرياتين. وقد تبين أنه يخفف علامات الالتهاب العضلي والألم حتى لدى العدائين بعد سباقات طويلة، وفقًا لما ورد في تحليل تأثير الكرياتين على الإصابات العضلية والتعافي .
  3. الوقاية من الإصابات ودعم التعافي منها: الرياضيون من مختلف التخصصات معرضون لإصابات عضلية أو في الأوتار. الكرياتين له دور في تقوية الخلايا العضلية، ربما عبر زيادة محتواها من الماء ورفع جودة التدريب كما أسلفنا، مما يجعل العضلة أكثر مقاومة للإصابة. وحتى إن حدثت إصابة تتطلب تثبيتًا أو راحة، قد يقلل الكرياتين من الفقد العضلي خلال تلك الفترة، كما أظهرت الدراسات التي تناولت دوره في الحد من آثار التوقف القسري ، ويسرع العودة لمستوى اللياقة السابق.
  4. الترطيب والقدرة على التدريب في الجو الحار: لاعبو التحمل كثيرًا ما يواجهون خطر الإجهاد الحراري أثناء السباقات. وقد ثبت أن الكرياتين يساعد الرياضيين على الاحتفاظ بالماء، وبالتالي يرفع قدرة الجسم على التحكم بحرارته تحت الضغط، كما تؤكد الدراسات المتعلقة بأداء الجسم في الظروف الحارة . لذا، قد يقل معدل الإنهاك الحراري أو الإصابة بضربات الحرارة لدى من يكملون بالكرياتين ويتناولون ماءً كافيًا، بحسب البيانات السريرية المرتبطة بهذا الأثر .
  5. فوائد عصبية وحماية الدماغ: بعض الرياضات عالية الاحتكاك (كرة القدم الأمريكية، الملاكمة، الركبي...) يكون فيها خطر ارتجاج الدماغ. وقد أظهرت الدراسات أن الكرياتين قد يحمي الدماغ نسبيًا من ضرر نقص الطاقة الناجم عن إصابات الرأس، كما ورد في الأبحاث التي تناولت الأثر العصبي للكرياتين . وبناءً على تجارب على الحيوانات وبعض الأدلة البشرية غير المباشرة، أوصت الجمعية الدولية للتغذية الرياضية بأن يتناول الرياضيون في الرياضات ذات احتمالية الإصابات الدماغية الكرياتين كإجراء وقائي، وفقًا لـتوصياتها العلمية في هذا السياق .

كل هذه النقاط تشير إلى أن فوائد الكرياتين تمتد لما هو أبعد من مجرد زيادة القوة العضلية اللحظية. بالطبع، لن نقول إن الكرياتين سيجعل عداء الماراثون يركض أسرع زمن شخصي (لأن العامل المحدد هنا هو التحمل الأيروبي وهو خارج تأثير الكرياتين المباشر). إنما سيساعده بطرق غير مباشرة – الحفاظ على كتلة عضلاته، استشفاء أسرع بين التدريبات، تعب أقل نتيجة حرارة أقل، وهكذا.

حتى في الرياضات الفنية والمهارية، طالما أن الرياضي يقوم بتمارين بدنية لتعزيز قوته أو وقايته من الإصابات، قد يستفيد من الكرياتين. مثلاً لاعب كرة سلة أو كرة قدم يقوم بتمارين في صالة الحديد لتحسين قوته وانطلاقته، سيجد أن الكرياتين يدعمه في هذه التمارين وبالتالي سينعكس ذلك في الملعب على شكل قفزة أعلى أو تسارع أفضل.

أما القلق من زيادة الوزن للاعبي التحمل، فهو مبرر إن تحدثنا عن سباقات تتطلب خفة كبيرة. نعم، أخذ الكرياتين قد يزيد وزنك 1-2 كجم من الماء، وهذا قد لا يكون مرغوبًا قبل سباق ضد الزمن. لذا بعض عدائي المسافات أو الدراجين يتفادون الكرياتين خلال الموسم التنافسي كي لا يحملوا وزنًا إضافيًا. لكن البعض الآخر يستخدمه في فترة الإعداد ثم يوقفه قبل السباق لتحسين الاستشفاء والقوة دون أن يدخل السباق بالوزن الزائد. الأمر يمكن تخصيصه وفق حاجة الرياضي.

خلاصة القول: على الرغم من أن الفائدة الأساسية للكرياتين تتجلى في رياضات القوة والسرعة اللاهوائية، إلا أن عددًا كبيرًا من الرياضيين الآخرين يمكنهم الاستفادة منه في جوانب مختلفة، بحسب التحليلات العلمية الحديثة . فهو مكمل متعدد المنافع: يحسن الطاقة، يسرع الاستشفاء، يقلل الإصابات، ويحمي من الإجهاد الحراري والعصبي. لذا لا ينبغي حصره فقط في خانة "كمال الأجسام". إذا كنت رياضيًا – أيًا كان تخصصك – قد تجد سببًا جيدًا لاستخدام الكرياتين كأداة مساعدة لك ضمن خطة تدريبك الشاملة.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين مفيد فقط لرياضات القوة واللاهوائية، ولا يفيد رياضات التحمل أو الأنشطة الأخرى
الحقيقة العلمية رغم أن الكرياتين يُستخدم أساسًا لرفع الأداء في تمارين القوة، إلا أن فوائده تمتد لعدد كبير من الرياضات الأخرى أيضًا
دعم مخزون الجليكوجين يساعد الكرياتين في زيادة تخزين الجليكوجين العضلي، مما يفيد في رياضات التحمل كالجري وركوب الدراجة
تسريع الاستشفاء يساهم في تقليل تلف العضلات وتسريع التعافي بعد التمارين المكثفة في جميع الرياضات
تقليل الإصابات يدعم قوة الخلايا العضلية ويقلل من فقد الكتلة خلال فترات التوقف أو الإصابة
تحسين الأداء في الحر يساعد على ترطيب الجسم وتقليل خطر الإجهاد الحراري، خصوصًا في السباقات أو التدريبات الحارة
الحماية العصبية قد يحمي الدماغ من تأثيرات الارتجاجات أو إصابات الرأس في الرياضات العنيفة
القلق من زيادة الوزن زيادة الوزن (1-2 كجم) تحدث نتيجة الماء، ويمكن التحكم بها حسب توقيت الاستخدام
الخلاصة الكرياتين ليس حكرًا على كمال الأجسام، بل هو مكمل متعدد الفوائد يمكن تخصيصه لمعظم الرياضيين حسب الهدف

الخرافة 10: "الكرياتين فعال للرجال فقط ولا يفيد النساء"

هذه المقولة ربما تأتي من ملاحظة أن معظم مستخدمي الكرياتين هم من الذكور، وأن كثيرًا من الدراسات أجريت على رجال. فظن البعض أن النساء لن يستفدن أو أن أجسامهن لا تتجاوب مع الكرياتين بشكل مماثل. لكن هل هذا صحيح؟

الحقيقة العلمية: الكرياتين يعمل في عضلات البشر عمومًا بغض النظر عن الجنس. النساء أيضًا يستفدن من الكرياتين في زيادة القوة والأداء، لكن أحيانًا قد تكون الزيادات المطلقة لديهن أقل بسبب الاختلاف الطبيعي في كتلة العضلات ومستويات الهرمونات، كما ورد في الدراسات التي تناولت استجابة الإناث للمكمل . بيد أن الدراسات التي أُجريت على الإناث أظهرت نتائج إيجابية.

مثال شهير: دراسة أجرتها الباحثة Vandenberghe وزملاؤها في التسعينات على نساء شابات يتدربن تدريبات مقاومة. المجموعة التي تناولت الكرياتين (20 جم/يوم لأيام ثم 5 جم لأسابيع) حققت زيادة أكبر في القوة وحجم العضلات في الذراعين والفخذين مقارنة بمجموعة التدريب فقط، كما ورد في نتائج الدراسة الأصلية . علمًا بأن مستوى الكرياتين في عضلاتهن ارتفع أيضًا بشكل مماثل للرجال. إذن، العضلة الأنثوية تتشبع بالكرياتين وتستفيد منه في أداء التمارين شأنها شأن العضلة الذكرية.

بعض الأبحاث تقترح أن الإناث قد يكنّ انطلاقًا من الوضع الطبيعي أقل استجابة قليلاً من الذكور لأسباب معينة: مثل أن الإناث عادة لديهن نسبة دهون أعلى وعضلات أقل، فحين نقيس الزيادة في القوة المطلقة ربما تبدو أقل. أيضًا، تشير بعض الأدلة إلى أن لدى النساء مستوى استراحة أعلى من الكرياتين في العضلة (كنسبة للوزن العضلي)، ربما بسبب امتلاكهن عضلات أقل لكن بتركيز كرياتين مقارب، كما توضح الدراسات التي تناولت الفروقات بين الجنسين في كيمياء العضلة . أي أن عضلات المرأة تكون بالفعل مشبعة نسبيًا مقارنة بالعضلات الضخمة لدى الرجل. هذا قد يفسر لمَ أحيانًا تأتي نتائج دراسات النساء بزيادات طفيفة إحصائيًا. لكن المهم أنه لا توجد أي خاصة فسيولوجية تمنع استفادة المرأة من الكرياتين.

بل على العكس، هناك اهتمام علمي متزايد بتأثيرات الكرياتين الإيجابية على صحة المرأة في مراحل حياتية مختلفة. مثلاً:

  1. أثناء الحمل والولادة: اقترحت بحوث حديثة (على نماذج حيوانية وبعض البيانات البشرية غير المباشرة) أن مكمل الكرياتين للأم الحامل يمكن أن يكون مفيدًا لحماية الجنين في حالات نقص الأكسجين أو الشدة أثناء الولادة، كما ورد في الدراسات التي استكشفت هذا الجانب الواعد من الاستخدام . لأن الجنين يستخدم الكرياتين من أمه، ووجود مستويات أعلى منه قد يساعده على تحمل الإجهاد الولادي. طبعًا، لم تجر بعد تجارب سريرية كافية على الحوامل لتوصي بذلك بشكل رسمي، لكنه مجال بحث واعد.
  2. في سن اليأس وما بعده: تنخفض كتلة العضلات وقوتها لدى النساء بعد انقطاع الطمث بسبب تراجع الهرمونات. وهنا، وُجد أن الكرياتين مع التمرين يمكن أن يساعد النساء بعد سن اليأس على الحفاظ على العضلات وتحسين القوة وربما دعم صحة العظام، وفقًا لما أظهرته الدراسات الحديثة في هذا المجال . إحدى الدراسات التي استمرت سنتين على نساء بعد انقطاع الطمث تناولن 3 جم كرياتين يوميًا مع تمارين مقاومة، وجدت تحسنًا في قوة الأطراف العلوية وزيادة في كثافة العظام مقارنة بمن تمرنّ بدون كرياتين، كما ورد في نفس المصدر العلمي .
  3. على الصعيد النفسي والعصبي: هناك بحوث مثيرة للاهتمام تظهر أن الكرياتين ربما يساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب لدى النساء بشكل خاص. لوحظ أن مستويات الكرياتين في دماغ الإناث أقل منها لدى الذكور في بعض المناطق، بحسب التحليلات العصبية المقارنة ، وأن إعطاء جرعات من الكرياتين يحسن مستوى طاقة الدماغ وربما يرتبط بتحسن الحالة المزاجية لدى النساء المكتئبات المقاومات للعلاج التقليدي، كما أظهرت دراسات التدخل الدوائي التجريبية . كما يُدرس تأثيره في تحسين الوظيفة الدماغية خلال التقلبات الهرمونية كالدورة الشهرية أو في فترة ما بعد الولادة حيث قد يحدث اكتئاب. النتائج الأولية واعدة، إذ تبين أن الكرياتين رفع مستويات الفوسفوكرياتين في أدمغة الفتيات المراهقات وكان ذلك مصحوبًا بتحسن في أعراض الاكتئاب في دراسة صغيرة، وفقًا لـتلك البيانات السريرية المبدئية .

خلاصة ذلك أن الكرياتين ليس حكرًا على جنس دون آخر. إذا كنتِ امرأة تمارسين الرياضة أو لديك أهداف صحية تتضمن زيادة القوة أو تحسين التركيبة الجسدية، فالكرياتين خيار يستحق النظر. بالطبع، تبقى الجرعة نفسها (حوالي 3-5 جم يوميًا) والتوصيات العامة ذاتها. ربما الشيء الوحيد المختلف: بعض النساء لا يفضلن فكرة أي زيادة في الوزن حتى لو كانت مياه وعضل، خاصة الرياضيات ذوات الفئات الوزنية. هنا القرار شخصي بناءً على الأولويات.

خلاصة القول: الكرياتين فعال لكل من النساء والرجال. النساء يستجبن له أيضًا من حيث زيادة الأداء والقوة، كما تؤكد الدراسات التي أُجريت على الإناث ، ولا صحة لفكرة أنه "لن يعمل للأنثى". هناك أيضًا فوائد محتملة خاصة للإناث تُجرى عليها دراسات (في الحمل، المزاج، الشيخوخة). لذا لا تترددي كامرأة في الاستفادة من هذا المكمل إذا كنتِ ترغبين بذلك ضمن برنامجك، ولا تصغي لمن يدّعي أنه مكمل "للرجال فقط".

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين فعال للرجال فقط ولا يفيد النساء
الحقيقة العلمية النساء يستفدن من الكرياتين تمامًا كما يفعل الرجال، مع اختلافات بسيطة ناتجة عن الفروق الفسيولوجية الطبيعية
نتائج الدراسات على النساء أظهرت زيادة في القوة وكتلة العضلات عند تناول الكرياتين بالتزامن مع التمرين
تفسير بعض الفروقات النساء عادة لديهن كتلة عضلية أقل لكن تركيز الكرياتين مشابه، مما يجعل الزيادات المطلقة أقل نسبيًا
فوائد محتملة خاصة قد يدعم الصحة في الحمل، ويخفف فقد العضلات بعد انقطاع الطمث، ويساهم في تحسين الحالة النفسية
الاستخدام الآمن الجرعة نفسها للنساء (3-5 جم يوميًا)، ويمكن تخصيص الاستخدام حسب الهدف دون قلق من آثاره
الخلاصة الكرياتين مكمل فعال وآمن للنساء أيضًا، ولا صحة للمقولة بأنه مخصص "للرجال فقط"

الخرافة 11: "هناك أنواع أخرى من الكرياتين (سائلة، إيثيل إستير، الخ) أفضل من المونوهيدرات التقليدية"

مع شعبية الكرياتين مونوهيدرات (Creatine Monohydrate) ونجاحه، ظهرت عبر السنوات أشكال أخرى من الكرياتين يروج لها المصنعون على أنها متفوقة. مثل: كرياتين إيثيل إيستر (CEE)، كرياتين HCL (هيدروكلوريد)، كرياتين معزز بقلوية (مسمى تجاري: Kre-Alkalyn)، كرياتين مرتبط بالنitrate، وغيرها كثير (أكثر من 15 شكل مختلف في السوق!). وادعت الحملات التسويقية لهذه المنتجات أنها تمتص أسرع، أو لا تحتاج تحميل، أو لا تسبب نفخة الماء، إلخ. فهل أي من هذه الأنواع أثبت فعلاً أنه يتفوق على كرياتين مونوهيدرات العادي؟

الحقيقة العلمية: حتى اليوم، لا يوجد دليل موثوق بأن أي شكل آخر من الكرياتين يتفوق على مونوهيدرات التقليدي من حيث زيادة الأداء أو بناء العضلات، وفقًا لـتحليل شامل نُشر في PubMed ومراجعة علمية منشورة في المكتبة الوطنية الأمريكية للطب . في الواقع، معظم هذه المنتجات البديلة لم تخضع لأبحاث كافية، وما تمت دراسته منها إما أعطى نتائج مماثلة للمونوهيدرات أو أسوأ.

دعونا نستعرض بعض الأمثلة الشهيرة:

  1. كرياتين إيثيل إيستر (Creatine Ethyl Ester): كان أحد أوائل البدائل التي ظهرت. الفكرة أنه مركب يسمح بامتصاص أفضل للكرياتين في العضلات. لكن دراسة قارنت هذا النوع بالمونوهيدرات وجدت نتيجة عكسية تمامًا: تبين أن جزءًا كبيرًا من CEE يتحول إلى كرياتينين في المعدة قبل أن يصل الدم، بحسب التحليل البيوكيميائي المنشور ! مما يعني توفرًا بيولوجيًا أقل. وبالفعل، وجدوا أن رفع مستوى الكرياتين في العضلة كان أقل بكثير مع CEE مقارنة بالمونوهيدرات، وفقًا لـنفس الدراسة السريرية . أي أن هذه التركيبة كانت أسوأ، ونتيجة لذلك أداء المجموعة التي أخذتها لم يتحسن مثل مجموعة المونوهيدرات.
  2. كرياتين HCL (هيدروكلورايد): يتميز بأنه يذوب في الماء بسهولة فائقة (على عكس المونوهيدرات التي قد تترسب قليلاً). يدّعي مسوقوه أنه لكونه عالي الذوبانية فيمكن تناول جرعة أصغر منه (مثلاً 1.5 جم بدلاً من 5 جم) للحصول على نفس التأثير. لكن الحقيقة أنه لم تنشر إلا دراسات قليلة جدًا على HCL. لا توجد دلائل قوية على أنه يحقق نفس درجة تشبع العضلات بجرعة أقل. قد يكون مفيدًا لمن يعاني فعلاً من اضطراب معدة مع 5 جم مونوهيدرات لأن جرعته أصغر وأسهل خلطًا، لكن من ناحية تأثير على القوة أو الحجم العضلي، لم يثبت تفوقه.
  3. كري-ألكالين Kre-Alkalyn (الكرياتين القلوي): منتج ادعت الشركة المنتجة أنه مُعالج بمواد قلوية بحيث لا يتحول إلى كرياتينين، وبالتالي يحتاج جرعة أقل ولا يسبب النفخة. دراسة مستقلة نُشرت عام 2012 فحصت هذه المزاعم، ووجدت أن Kre-Alkalyn لم يكن أفضل من المونوهيدرات التقليدي في أي قياس (تركيز الكرياتين بالعضل، أداء التمارين، زيادة الكتلة)، كما ورد في تحليل الأداء المقارن . بل الحقيقة أن المونوهيدرات حقق ارتفاعًا أعلى قليلاً في مستوى الكرياتين العضلي. الاستنتاج كان أن لا فرق جوهري؛ كلاهما يزيد الكرياتين بالعضلة بنفس القدر تقريبًا، بحسب الدراسة السريرية ذاتها .
  4. الكرياتين السائل أو السيروم: انتشرت منتجات تدعي أنها حلول سائلة من الكرياتين لحقنها أو شربها. ولكن تبين أن الكرياتين غير مستقر جدًا في محلول مائي لفترة طويلة – يتحول إلى كرياتينين بسرعة خلال أيام، خاصة إن كانت الحرارة مرتفعة. لذا، كثير من هذه المنتجات السائلة كانت عديمة الفعالية لأن الكرياتين فيها قد تفكك قبل الاستخدام. شركات عدة تعرضت لدعاوى قضائية بسبب تسويقها لسيرومات كرياتين ثبت أن محتواها الفعلي من الكرياتين ضئيل بعد فترة على الرف، كما أشار التحقيق المنشور عام 2002 .
  5. أشكال أخرى: مثل كرياتين مرتبط بالمغنيسيوم (Magnesium-chelate)، أو كرياتين مالات، أو سترات. بعض هذه الأشكال، مثل السترات، تحتوي نسبة أقل كثيرًا من الكرياتين في الوزن (لأن جزيء السترات ثقيل)، فيحتاج المرء لجرعة أكبر للحصول على 5 جم كرياتين فعليًا، كما توضحه البيانات المتعلقة بالتركيبة والامتصاص . لذا، هي غير عملية ومكلفة. أما المغنيسيوم-كرياتين فقد دُرس في بحث أو اثنين ووجد أنه ليس أفضل من المونوهيدرات أيضًا.

قد يتساءل البعض: لماذا كل هذه البدائل إذا لم تكن أفضل؟ الإجابة ببساطة: التسويق والسعي للتفرد بمنتج مسجّل ببراءة اختراع. كرياتين مونوهيدرات مادة قديمة وخرجت براءة اختراعها منذ زمن، فأي شركة يمكنها تصنيعها. لذا هو رخيص. أما لو اخترع مصنع صيغة جديدة وادعى تميزها، يمكنه بيعها بسعر أعلى لأنه الوحيد الذي يملكها (مؤقتًا). وبالفعل، نجد أن أغلب البدائل سعرها أعلى بكثير. دراسة مسح في 2022 وجدت أن متوسط سعر الجرام من منتجات الكرياتين البديلة على موقع أمازون كان حوالي 0.26 دولار، في حين أن سعر الجرام من مونوهيدرات العادي حوالي 0.12 دولار فقط، كما ورد في الدراسة المنشورة على PubMed . أي أن البدائل أكثر من ضعف السعر بالمجمل، ومع ذلك 88% منها لا يوجد أدلة تدعم ادعاءاتها العلمية، بحسب نفس الدراسة .

حتى لو سلّمنا أن بعض الأشكال قد تتساوى مع مونوهيدرات، يبقى السؤال: لماذا تدفع مالًا أكثر لتحصل على نفس النتيجة؟ لذا، ينصح خبراء التغذية الرياضية دائمًا باختيار كرياتين مونوهيدرات الموثوق، ويفضل النوع الميكروني (Micronized) فقط لأنه أسهل ذوبانًا في الماء وليس لأن امتصاصه أفضل – فـالدراسات وجدت أن الميكروني وغير الميكروني سيان من حيث الفعالية، كما تؤكد التحليلات السريرية المتاحة .

خلاصة القول: لا تنخدع بادعاءات "الكرياتين الفلاني أفضل 10 مرات" وما شابه. مونوهيدرات الكرياتين هو المعيار الذهبي حتى الآن، كما تؤكد المراجعات العلمية الشاملة . البدائل إما مساوٍ له أو أقل منه كفاءة، وفقًا لـتحليل المقارنة المنشور عام 2022 ، وغالبًا أغلى سعرًا. إذا حصلت على مسحوق مونوهيدرات نقي من علامة تجارية موثوقة، فأنت تملك أكثر أشكال الكرياتين اختبارًا وبأعلى نسبة أمان وفعالية ممكنة. كل البحوث والفوائد التي ناقشناها في هذا المقال مبنية أساسًا على مونوهيدرات.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة هناك أنواع أخرى من الكرياتين (سائلة، إيثيل إستير، الخ) أفضل من المونوهيدرات التقليدية
الحقيقة العلمية لا توجد أدلة قوية تثبت تفوق أي نوع من الكرياتين على المونوهيدرات، بل بعض الأنواع كانت أقل فعالية
كرياتين إيثيل إيستر (CEE) يتحلل بسرعة إلى كرياتينين في المعدة، وامتصاصه العضلي أقل من المونوهيدرات
كرياتين HCL يذوب بسهولة، لكنه لا يظهر تفوقًا في الأداء أو تشبع العضلات، ويحتاج مزيدًا من الدراسات
Kre-Alkalyn (الكرياتين القلوي) أثبتت دراسة مستقلة عام 2012 أنه غير متفوق على المونوهيدرات في أي جانب
الكرياتين السائل (السيروم) غير مستقر ويتحول إلى كرياتينين بسرعة، وفعاليته منخفضة جدًا
أشكال أخرى (سترات، مغنيسيوم، نترات...) تحتوي كرياتين أقل بالوزن، أو لم تثبت أي ميزة تفوق، وغالبًا أغلى دون فائدة إضافية
سبب انتشار البدائل الربح التجاري؛ المونوهيدرات أرخص وتصنيعه مفتوح، بينما البدائل حصرية ومربحة أكثر للشركات
التوصية استخدم كرياتين مونوهيدرات نقي (ويفضل ميكروني لسهولة الذوبان)، فهو الأكثر بحثًا وفعالية وأمانًا
الخلاصة المونوهيدرات هو المعيار الذهبي للكرياتين. البدائل إما مساوية أو أقل فعالية وغالبًا أغلى بلا داعٍ

الخرافة 12: "الكرياتين يجب تناوله لفترة ثم إيقافه (ضرورة عمل دورة للكرياتين)"

يعتقد بعض الرياضيين أن عليك "دورة" الكرياتين، أي تستخدمه لبضعة أسابيع أو أشهر ثم تأخذ راحة منه فترة ثم تعود، ظنًا أن الجسم سيعتاد عليه أو أن الاستمرار الطويل مضر. هل هناك أساس لهذا؟

الحقيقة العلمية: لا يوجد أي دليل علمي على ضرورة إيقاف الكرياتين على فترات. يمكنك استخدام الكرياتين باستمرار وأمان طالما أردت ذلك، كما تؤكد المراجعة العلمية المستندة إلى بيانات تمتد لأكثر من 30 عامًا . الجسم لا يطوّر تحملًا يقلل من فعالية الكرياتين مع الزمن (بخلاف منشطات كيميائية مثلاً تفقد تأثيرها). فطالما أنت مستمر في التمرين والمحافظة على مخزون الكرياتين، ستحتفظ بالفوائد.

هناك من يقوم بإراحة الكرياتين ربما لتجنب استمرار زيادة الوزن المائي (مثلاً لاعب يرغب بخفض وزنه قبل منافسة وزن) – وهذا قرار استراتيجي رياضي وليس لسبب صحي. صحيًا، تمت دراسة الكرياتين حتى لمدة 5 سنوات متواصلة ولم تظهر مشاكل، كما أظهرت المراجعة طويلة المدى للسلامة .

بل العكس: عند التوقف عن الكرياتين، خلال 4-6 أسابيع يعود مستوى الكرياتين في عضلاتك لما كان عليه قبل البدء، وربما تخسر بعض القوة والكتلة المرتبطة به. لذا إذا لم يكن لديك سبب وجيه للتوقف، الاستمرار يوفر لك ثبات المستوى في عضلاتك.

ربما نشأت هذه الفكرة (الدورة) قياسًا على بروتوكولات بعض المكملات الأخرى أو الأدوية. فمثلاً الكافيين معروف أن تأثيره يقل مع التعود ويُنصح بأخذه بدورات. لكن الكرياتين ليس له تأثير مباشر على أعصابك أو هرموناتك لتحتاج إعادة ضبط. هو مغذٍ يخزنه جسمك بشكل طبيعي، وبالتالي الحفاظ على مخزون عالٍ منه أمر إيجابي طالما أنت بحاجة للفوائد.

أيضًا من منظور السلامة، لا يوجد داعٍ لإراحة الكلى من الكرياتين كما يخشى البعض، لأننا أثبتنا أنه لا يؤذي الكلى بالجرعات الموصى بها، كما ورد في التحليل العلمي المفصّل حول التأثير الكلوي . وبالتالي، لا حاجة "لفسحة راحة" من الكرياتين.

إذا وجدت شخصًا يقول "يجب أن توقفه شهرين كل 6 أشهر"، اسأله عن مصدره العلمي. الأغلب لن يجد جوابًا، لأنها مجرد تقاليد صالات رياضية تناقلها الناس بلا دراسة.

خلاصة القول: يمكنك أخذ الكرياتين بشكل مستمر دون حاجة لدورات توقف. إن أردت إيقافه لفترة فهذا قرار شخصي قد يكون لاعتبارات تدريبية أو مادية، لكنه ليس شرطًا من أجل صحة جسمك أو فعالية المكمل.

بعد تفنيد كل هذه الخرافات واحدة تلو الأخرى، نأمل أن الصورة أصبحت واضحة الآن بشأن مكمل الكرياتين: إنه واحد من أكثر المكملات دراسةً وثباتًا من حيث الفعالية والأمان في المجال الرياضي، كما تؤكد المراجعة الشاملة للأدلة العلمية . نعم، له بعض التأثيرات الجانبية البسيطة جدًا (مثل زيادة الوزن المائي، أو اضطراب معوي عند البعض)، لكنها ضئيلة مقارنة بفوائده عند استخدامه بشكل صحيح. ومعظم ما يُشاع حول مخاطره ثبت أنه تهويل أو سوء فهم.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر التفاصيل
الخرافة الشائعة الكرياتين يجب تناوله لفترة ثم إيقافه (ضرورة عمل دورة للكرياتين)
الحقيقة العلمية لا توجد حاجة لإيقاف الكرياتين أو "عمل دورة" له، ويمكن استخدامه بأمان وفعالية بشكل مستمر
مدة الاستخدام الآمنة دُرس الكرياتين لفترات تصل إلى 5 سنوات دون تسجيل أي آثار صحية سلبية
هل يفقد فعاليته؟ لا، الجسم لا يطوّر مقاومة تجاهه، والفوائد تستمر طالما كنت تتناوله وتتمرن
متى يختفي تأثيره؟ إذا توقفت عنه، يعود مخزون العضلات إلى وضعه الطبيعي خلال 4-6 أسابيع
سبب الفكرة الخاطئة تشبيه خاطئ بمكملات أخرى تحتاج دورات، أو تخوفات غير مبررة من تأثير على الكلى
الخلاصة يمكنك استخدام الكرياتين باستمرار دون حاجة للتوقف، إلا إذا كان لديك سبب شخصي استراتيجي لذلك

كيفية استخدام مكمل الكرياتين بطريقة فعّالة وآمنة

الآن وقد عرفت الحقائق العلمية حول الكرياتين، قد تتساءل: كيف أستخدمه بشكل سليم لتحقيق أفضل النتائج؟ إليك إرشادات عملية مبنية على الأبحاث وتجارب الخبراء لاستخدام مكمل الكرياتين بفعالية:

الجرعة الموصى بها

الجرعة القياسية هي حوالي 5 غرام يوميًا من مسحوق كرياتين مونوهيدرات. بعض الخبراء يقترحون جرعة حسب الوزن بمقدار 0.1 جم لكل كجم من وزن الجسم (أي 7 جم لمن وزنه 70 كجم مثلًا)، كما ورد في توصيات الدراسات الحديثة حول الجرعات . لكن عمليًا 5 جم تناسب معظم الناس. هذه الجرعة تحافظ على تشبع العضلات بعد اكتماله. يمكنك تقسيم الجرعة إلى مرتين (2.5 + 2.5 جم) إن أردت، لكن غالبية المستخدمين يتناولون 5 جم مرة واحدة يوميًا بسهولة.

مرحلة التحميل (اختيارية)

كما شرحنا، يمكنك البدء مباشرة بـ5 جم يوميًا وستتشبع عضلاتك خلال 3-4 أسابيع. أما إذا رغبت بتسريع التشبع، نفّذ التحميل بأخذ 20 جم يوميًا لمدة 5 أيام (مقسمة إلى 4 جرعات 5 جم موزعة على اليوم)، ثم انتقل لجرعة 5 جم اليومية الثابتة، وفقًا لما ورد في توصيات بروتوكولات الجرعات وشرح آلية التحميل . كلا النهجين صحيح، والأمر يعود لك.

توقيت تناول الكرياتين

هناك نقاش حول أفضل وقت، ولكن الدراسات تشير إلى أن التوقيت ليس حاسمًا بشكل كبير طالما تتناول الجرعة كل يوم باستمرار. البعض يفضل أخذ الكرياتين بعد التمرين مباشرة مع وجبة غنية بالبروتين/الكربوهيدرات، وذلك بناءً على دراسة وجدت زيادة أفضل في الكتلة العضلية عند تناول الكرياتين بعد التمرين مقارنة بقبله . منطق ذلك أن الجسم بعد التمرين جاهز لامتصاص المغذيات مع ارتفاع تدفق الدم للعضلات. إن استطعت، فجيد أن تأخذ جرعتك عقب التمرين. وإن لم يكن، فيمكنك أخذها في أي وقت من اليوم يناسبك – الأهم الانتظام. بعض الأشخاص يتناولونها صباحًا مع الإفطار، آخرون مع مخفوظ البروتين الليلي. اختَر الوقت الذي تضمن أنك لن تنساه فيه.

طريقة تناولها

  1. مسحوق كرياتين مونوهيدرات (Creatine Monohydrate) لا طعم له تقريبًا، لذا يمكنك خلط 5 جم (ما يعادل ملعقة صغيرة ممسوحة تقريبًا) في كوب ماء أو عصير أو مع مخفوق البروتين. حرّكه جيدًا واشربه مباشرة.
  2. تجنب خلط الكرياتين مع مشروبات ساخنة جدًا أو حمضية جدًا وتركها لفترة، لأن الحرارة والحموضة قد تؤدي إلى تحلل الكرياتين بمرور الوقت. الخلط في ماء أو عصير بدرجة حرارة الغرفة وشربه خلال دقائق يُعتبر خيارًا آمنًا ومناسبًا.
  3. أما الكرياتين الميكرونايزد (Micronized Creatine) فهو يذوب بشكل أفضل. وإن لاحظت بقاء ترسبات في الكوب، أضف القليل من الماء واشربها حتى تضمن استهلاك الجرعة كاملة.

شرب الماء

كما كررنا، الحرص على الترطيب الكافي مهم أثناء استخدام الكرياتين. استهدف 8-10 أكواب ماء (حوالي 2-3 لتر) موزعة على اليوم. هذا ليس بسبب أن الكرياتين يسبب جفافًا بحد ذاته، ولكن لأن بقاء عضلاتك وخلاياك مروية سيجعلك تشعر بأفضل أداء ويمنع أي صداع أو إجهاد قد ينتج عن تحول السوائل داخل جسمك. أيضًا شرب الماء يساعد الكلى على التخلص من أي فائض غير مستخدم بسلاسة.

مدة الاستخدام

يمكنك استخدام الكرياتين طالما شئت ضمن الجرعة الموصى بها. لا يحتاج الأمر لدورات انقطاع كما وضحنا. ومع ذلك، يقوم بعض الرياضيين بإيقافه قبل منافسات تتطلب وزنًا أخف (ليخسروا وزن الماء). إذا أوقفت الكرياتين، توقع أن ينخفض وزنك قليلاً خلال أسابيع (نقص ماء) وقد تفقد شيء بسيط من القوة المكتسبة، لكنه ليس فقدانًا دائمًا للعضلات بل مجرد غياب تأثير المكمل.

متى تتجنب الكرياتين

هناك حالات قليلة يُنصح فيها بتجنب الكرياتين أو أخذ احتياطات خاصة:

  1. إن كنت تعاني من مرض كلوي مزمن أو أي مشكلة في الكلى، يجب استشارة الطبيب أولًا. غالبًا سينصح بالابتعاد عن المكملات غير الضرورية لتخفيف العبء عن الكلى المريضة.
  2. الحوامل والمرضعات: رغم عدم وجود ما يشير لضرر، إلا أنه لا توجد دراسات كافية عليهن. لذا يُنصح بعدم استخدامه إلا باستشارة طبية خلال الحمل والرضاعة.
  3. الأطفال الصغار (أقل من 16 عامًا) الذين لا يمارسون رياضة عالية المستوى: من الأفضل الاعتماد على الغذاء المتوازن في هذا العمر. وإن كان الطفل رياضيًا ناشئًا يفكر بالكرياتين، فليكن ذلك بعد استشارة أخصائي وطبيب مع مراقبة.
  4. من لديهم اضطرابات هضمية معينة قد يجدون أن الكرياتين يسبب لهم إسهالاً أو عدم ارتياح. في هذه الحالة يمكنهم تجربة جرعات أصغر موزعة (مثلاً 2 جم صباحًا و2 جم مساءً بدل 5 دفعة واحدة) أو أخذه مع الوجبات. وإن استمرت المشكلة، ربما كرياتين HCL يناسبهم لأنه ألطف على المعدة بجرعته الصغيرة.
  5. إذا كنت تتناول أدوية مدرة للبول أو أي عقاقير تؤثر على توازن الماء والأملاح، استشر طبيبك للتأكد من عدم تعارض الكرياتين معها.

اختيار المنتج المناسب

احرص على شراء الكرياتين من علامة تجارية موثوقة تذكر أنها تستخدم Creapure® أو تخضع لاختبارات الجودة. فالسوق مليء بالمنتجات الرخيصة لكن بعضها قد يكون ملوثًا بالشوائب أو لا يحتوي الكمية المدونة. مسحوق الكرياتين عالي الجودة يكون ناعمًا كالبودرة البيضاء وعديم الرائحة ويذوب بشكل معقول. تجنب المنتجات المخلوطة التي تدعي وجود مكونات "سحرية" إضافية – الأفضل أخذ كرياتين نقي بحيث يمكنك التحكم في الجرعة بدقة. 

باتباع هذه الإرشادات، ستتمكن من الحصول على أفضل النتائج من مكمل الكرياتين بأمان. وتذكر دائمًا أن المكمل هو قطعة واحدة من أحجية اللياقة البدنية – الأساس هو التدريب الجيد والتغذية السليمة والنوم الكافي. الكرياتين سيمنحك دفعة إضافية فوق ذلك الأساس.

خاتمة: هل الكرياتين مناسب لك؟

لقد استعرضنا بالتفصيل كل ما يتعلق بمكملات الكرياتين بين الحقائق العلمية والخرافات الشائعة. ظهر لنا أن الكرياتين بالفعل من أفضل المكملات المدروسة في عالم الرياضة، بفعالية مثبتة في زيادة القوة والأداء وتسريع اكتساب العضلات، مع مستوى أمان عالٍ عند استخدامه بالشكل الصحيح، كما تؤكد المراجعات العلمية الشاملة . كثير من المخاوف التقليدية حوله – كالإضرار بالكلى أو التسبب بالجفاف أو الصلع – وجدنا أنها لا أساس علمي قوي لها، بل تم دحضها بالأبحاث الحديثة. في المقابل، عرفنا أن الكرياتين ليس مجرد مكمل للاعبي كمال الأجسام، بل قد يكون مفيدًا لمختلف الرياضيين وربما له جوانب صحية واعدة قيد البحث.

قرار استخدام الكرياتين في النهاية يعود إليك بناءً على أهدافك وظروفك. إن كنت رياضيًا تبحث عن تعزيز أدائك بشكل طبيعي وآمن، فالكرياتين خيار ممتاز يستحق التجربة. جرّبه لبضعة أشهر مع التزامك بنظام التدريب وستلاحظ الفارق في قوتك وقدرتك على بذل جهد إضافي في التمارين. أما إن كنت شخصًا عاديًا تتدرب من أجل اللياقة العامة، فقد لا يكون الكرياتين ضروريًا جدًا ولكنه أيضًا لن يضر إذا أردت تجربة تأثيره على زيادة طاقتك.

من المهم أن تستمع لجسمك. بعض الناس يتحمسون جدًا ويظنون أن المكمل سيغير كل شيء بين ليلة وضحاها. الواقع أن الفروق تكون تدريجية وتحتاج أن تقيس نتائجك (مثلاً أوزانك في التمرين أو قياسات جسمك) لترى التحسن. أيضًا قد تجد قلة من الأشخاص لا يستجيبون بقوة للكرياتين (ما يسمى "non-responders") ربما بسبب أن نظامهم الغذائي غني به أساسًا أو أن عضلاتهم كانت مشبعة طبيعيًا. هذا نادر لكنه وارد.

في ختام هذا المقال، أدعوك لمشاركة رأيك وتجربتك إذا كنت قد استخدمت الكرياتين من قبل: هل لاحظت فرقًا في أدائك أو عضلاتك؟ وإذا كنت لم تجربه بعد، هل لديك أسئلة أخرى أو مخاوف تشغل بالك؟ لا تتردد في طرحها في قسم التعليقات أدناه – سأكون سعيدًا بالتفاعل والإجابة. هدفنا جميعًا الاستفادة من العلم الحديث لجعل رحلتنا في عالم الصحة واللياقة أكثر فعالية وأمانًا.

الآن القرار بيدك: بعد أن عرفت الحقيقة، هل ترى أن مكمل الكرياتين يناسب أهدافك الشخصية؟ شاركني أفكارك وتعليقاتك أدناه!

الأسئلة الشائعة

هل يجب أن أتناول الكرياتين في أيام الراحة (بدون تمرين)؟
نعم، يُفضَّل الاستمرار في أخذ جرعة الكرياتين اليومية حتى في أيام الراحة. السبب هو الحفاظ على مخزون الكرياتين في عضلاتك ممتلئًا. تذكّر أن فوائد الكرياتين تأتي من تشبّع العضلات به باستمرار، وليس فقط لحظات ما قبل التمرين. لذا حتى لو لم تتمرن اليوم، خذ جرعتك كالمعتاد (مثلاً 5 جم صباحًا أو مع أي وجبة). هذا يضمن أن عضلاتك دومًا جاهزة بالوقود عندما تعود للتمرين غدًا. لا خوف من أي ضرر في عدم الانقطاع أيام الراحة – الكرياتين يعمل كالماء، تحتاج محافظة مستمرة لمخزونك.
ما هو أفضل وقت في اليوم لتناول الكرياتين؟
يمكنك تناول الكرياتين في أي وقت يناسبك طالما تلتزم به يوميًا. البعض يفضّل بعد التمرين مباشرة مع مخفوق البروتين والكاربوhyrates لأنه يعتقد بوجود "نافذة أنابولية" لامتصاص أفضل – وهناك دراسة دعمت فكرة أن ما بعد التمرين قد يكون أفضل قليلًا لبناء العضلات. آخرون يتناولونه قبل التمرين معتقدين أنه سيمنحهم طاقة فورية (رغم أن تأثيره ليس حادًا مثل الكافيين مثلاً). الواقع: التوقيت ليس بالغ الأهمية. شخصيًا أنصح بأخذها بعد التمرين أو مع وجبة رئيسية، والسبب: غالبًا ستتناول مع الوجبة سوائل وكربوهيدرات تساعد في امتصاص الكرياتين إلى العضلات (بوساطة تأثير الإنسولين). كما أن جعلها عادة مرتبطة بوقت محدد يسهّل عدم نسيانها. إن لم تكن تتمرن ذلك اليوم، فخذها مع وجبة من اختيارك (الفطور أو الغداء). ابتعد فقط عن تناولها على معدة فارغة تمامًا مع كمية ماء قليلة، فقد يسبب ذلك مغصًا لدى البعض.
هل يجب أن أدوّر (أعمل دورة) في استخدام الكرياتين؟
كما وضحنا في المقال، لا حاجة علمية لعمل دورات للكرياتين. يمكنك استخدامه بشكل متواصل دون انقطاع. لا يتكيف جسمك لينقص تأثيره، ولا تظهر أعراض انسحاب عند إيقافه. بعض الرياضيين يقومون بإيقافه لفترة كجزء من خطة تدريبية (مثلاً في مرحلة التنشيف لإبراز العضلات بدون ماء، أو لخفض الوزن قبل بطولة)، وهذا خيار يعتمد على أهدافهم وليس لضرورة طبية. لكن الشخص المتوسط يستطيع أخذ الكرياتين عامًا بعد عام بأمان طالما أراد ذلك. إن قررت إيقافه لأي سبب، لا مشكلة أيضًا – ستعود عضلاتك تدريجيًا لمستواها الطبيعي من الكرياتين خلال 4-6 أسابيع دون تبعات سيئة.
هل من الآمن الجمع بين الكرياتين ومكملات أخرى (مثل بروتين مصل اللبن أو الكافيين)؟
نعم، بشكل عام آمن تمامًا الجمع بين الكرياتين ومعظم المكملات الشائعة. الكثير من الرياضيين يأخذون واي بروتين (Whey Protein) واي بروتين مع الكرياتين يوميًا – البروتين يساعد على بناء العضلات والكرياتين يدعم القوة، فيتكامل عملهما. أيضًا لا توجد مشاكل مع تناول الفيتامينات المتعددة أو الأحماض الأمينية مع الكرياتين.

بالنسبة لـالكافيين (سواء من القهوة أو مكمل ما قبل التمرين): كان هناك جدل قديم حول إن كان الكافيين يعاكس تأثير الكرياتين. لكن الأبحاث الحديثة لم تؤكد ذلك بشكل قاطع. صحيح أن دراسة واحدة في التسعينات لم تر تحسنًا في الأداء عند الجمع بينهما، لكن دراسات أخرى وجدت أنه لا بأس من ذلك، بل أن تأثير كل منهما مستقل – الكرياتين يرفع القوة على المدى الطويل، والكافيين يعطي دفعة نشاط لحظية. لذا يمكنك شرب قهوتك وأخذ الكرياتين دون قلق. فقط تذكر شرب ماء كافٍ لأن الكافيين مدر للبول وقد يسبب جفافًا طفيفًا، وأنت تريد البقاء مرتويًا خاصة مع الكرياتين.
سمعت أن الكرياتين يسبب اضطرابًا في المعدة أو نفخة، كيف أتجنب ذلك؟
معظم الناس لا يعانون مشاكل مع جرعة 3-5 جم يوميًا من كرياتين مونوهيدرات. لكن لدى قلة قد يحدث:

إسهال أو مغص خفيف: خاصة مع جرعات التحميل الكبيرة (20 جم/اليوم). للتجنب، قسّم الجرعة على مدار اليوم (مثلاً 5 جرعات × 4 جم). وإن كنت لا تحمل فغالبًا لن تواجه مشكلة. أيضًا تناول الجرعة مع وجبة أو كمية جيدة من الماء.

نفخة في البطن: البعض يشعر أن بطنه منتفخ قليلًا أو متحجر خاصة في البداية – هذا غالبًا نتيجة سحب الماء للعضلات بالبطن وربما زيادة الشهية التي تجعلهم يأكلون أكثر. الحل هنا هو الصبر؛ هذه النفخة مؤقتة وتزول عادة بعد التأقلم. حافظ على نظام غذائي نظيف قليل الأملاح لتجنب أي احتباس ماء إضافي غير مرغوب. ويمكنك تقسيم الجرعة إلى صباح ومساء لتخفيف أي تركيز عالٍ في الجهاز الهضمي دفعة واحدة.

غثيان: إن تناولت المسحوق بشكل مركز بدون سائل كافي، قد تشعر بغثيان. لذا دائمًا اخلطه في كوب 200-300 مل على الأقل من الماء أو العصير واشربه تدريجيًا وليس جرعة واحدة ضخمة.

إذا جربت كل ذلك ولا زال هناك انزعاج، فكّر بتجربة كرياتين HCL بجرعة صغيرة (حوالي 2 جم يوميًا) إذ أنه لطيف على المعدة بسبب قابليته العالية للذوبان. لكن غالبًا لن تحتاج لهذا.
هل الكرياتين مناسب للنباتيين أو الذين لا يأكلون اللحوم؟
بكل تأكيد نعم – في الواقع النباتيون ربما هم الأكثر استفادة من مكمل الكرياتين. لأننا كما أوضحنا نحصل على الكرياتين عادة من اللحوم والأسماك في غذائنا. الشخص النباتي الذي لا يتناول أطعمة حيوانية ستكون مخزوناته العضلية من الكرياتين منخفضة نسبيًا. وعند تناوله مكمل الكرياتين، ترتفع هذه المخزونات بشكل ملحوظ مما ينعكس بفوائد كبيرة. الدراسات أظهرت أن استجابة النباتيين للكرياتين من حيث تحسن الذاكرة القصيرة المدى وبعض الأداء كانت أعلى مقارنة بآكلي اللحوم. أيضًا من ناحية بناء العضلات، النباتي يستطيع بالكرياتين تعويض جزء مما ينقصه بعدم حصوله على الكرياتين الغذائي. لذا يُنصح النباتيون (خاصة الرياضيين منهم) بشدة بالنظر في استخدام الكرياتين لتعويض الفارق. فقط عليهم الانتباه لتناول كمية بروتين كافية من المصادر النباتية أيضًا لتحقيق أفضل نتائج؛ فالكرياتين يوفر الطاقة، لكن بناء العضلة يحتاج بروتين أيضًا.
هل يؤثر الكرياتين على الكبد أو ضغط الدم أو الهرمونات بشكل سلبي؟
بالنسبة للكبد: لا، ليس هناك تأثير ضار مثبت. فحوصات إنزيمات الكبد في الدراسات الطويلة على الكرياتين بقيت طبيعية.

ضغط الدم: الكرياتين لا يرفع ضغط الدم. في الحقيقة قد يساعد غير مباشرًا في التحكم بالضغط عبر زيادة قدرة التمرين (والرياضة تخفض الضغط). الأشخاص الذين عانوا جفافًا شديدًا بسبب سوء استخدام الكرياتين ربما واجهوا ارتفاعًا عابرًا في الضغط، لكن هذا سيناريو غير شائع. طالما تشرب ماءً جيدًا فلن تواجه مشكلة ضغط.

الهرمونات: الكرياتين ليس هرمونًا كما ذكرنا، ولا يتلاعب بمستويات هرموناتك الجنسية. لم يُلاحظ ارتفاع في تستوستيرون مثلاً مع الكرياتين (عدا ربما ارتفاع طفيف ضمن الطبيعي حصل في دراسة الشعر لكل من مجموعة الكرياتين والبلاسيبو على حد سواء).

الكرياتين أيضًا لا يرفع هرمون النمو أو الكورتيزول أو غيرها مباشرة. كل تغير يحدث هو ضمن الحدود الطبيعية نتيجة التدريب المحسن. فمثلاً لو تمرنت أقسى وأطول مع الكرياتين، قد يرتفع تستوستيرونك قليلًا على المدى الطويل نتيجة استفادة جسمك من التدريب – وهذا تأثير غير مباشر صحي.
هل يمكن الحصول على ما يكفي من الكرياتين عبر الطعام فقط بدون مكمل؟
طبعًا يمكن زيادة الكرياتين عبر الطعام لكن العملية صعبة وغير عملية لغالبية الناس. كما أسلفنا المصادر الرئيسية هي اللحوم الحمراء والسمك. يحتوي كل 1 كجم لحمة تقريبًا على 4-5 جم كرياتين. لذا للحصول على 5 جم يوميًا ستحتاج أكل حوالي 1 كجم (2.2 رطل) من اللحم أو السمك يوميًا وهذا مقدار كبير جدًا وغير صحي من نواحٍ أخرى (سعرات ودهون عالية مثلًا). كما أن الطبخ يقلل محتوى الكرياتين في اللحم لأن جزءًا منه يتحلل بالحرارة. بالتالي، واقعيًا معظم الناس يحصلون فقط على ~1 غرام يوميًا أو أقل من نظامهم الغذائي المعتاد. هذا يكفي للحفاظ على وظائف الجسم الطبيعية ولكنه لا يملأ العضلات بالكرياتين لأقصى حد. لذلك المكمل يزوّدك مباشرة بالكمية المطلوبة دون عبء تناول كميات طعام هائلة. بالطبع، لو كنت آكل لحوم شره جدًا ربما لن ترى فائدة ضخمة من الكرياتين لأن عضلاتك مشبعة تقريبًا منه. لكن معظم الناس حتى الذين يأكلون شريحة لحم يوميًا سيستفيدون من إضافة المكمل للوصول للحد الأقصى.
هل يجب أن أتوقف عن الكرياتين إذا شعرت أن وزني يزيد أكثر من اللازم؟
إذا كانت زيادة الوزن بسبب ماء العضلات تؤثر عليك (مثلاً رياضي في فئة وزن أو شخص يقلقه الرقم على الميزان نفسيًا)، يمكنك تعديل الاستراتيجية بدلاً من التخلي عن فوائد الكرياتين كليًا. جرّب خفض الجرعة اليومية إلى 3 جم بدلاً من 5 جم – هذا قد يقلل احتباس الماء قليلًا ويحافظ على معظم الفائدة. أيضًا تأكد أنك لا تتناول كمية ملح كبيرة في غذائك لأنها قد تساهم مع الكرياتين في حبس الماء. لو كنت في فترة فقدان وزن (دايت) ووجدت الميزان ثابتًا رغم فقدان الدهون لأن الكرياتين يدخل الماء للعضلات، هنا كن صبورًا: جسمك يخسر دهونًا بالفعل والكرياتين يجعلك تحتفظ بالماء، فلا تنخدع بالميزان. يمكنك قياس محيط خصرك أو النظر للمرآة لتقييم تقدمك بدلاً من الوزن فقط. لكن لو كان لا بد، يمكنك إيقاف الكرياتين قبل موعد محدد بأسبوعين للتخلص من وزن الماء مؤقتًا. فقط تذكر أنك ستفقد حينها جزءًا من أداءك العالي المكتسب.
أي نوع من الكرياتين أشتري؟ وهل الكبسولات أفضل أم المسحوق؟
أفضل نوع هو ما تمت عليه كل هذه الدراسات: كرياتين مونوهيدرات بشكل مسحوق بودرة نقي. ابحث عن منتجات تحمل ختم Creapure (وهو علامة لجودة ألمانية عالية النقاء) إن أمكن. المسحوق خيار ممتاز لأنك تستطيع قياس الجرعة بدقة (ملعقة 5 جم).

الكبسولات تحتوي عادة 750mg أو 1جم في الكبسولة، لذا تحتاج 5-7 كبسولات يوميًا، مما قد يكون مكلفًا أكثر. لكنها قد تكون مريحة للبعض الذين لا يحبون خلط المسحوق. القرار يعود لتفضيلك. لا فرق فعلي في الامتصاص، فالكبسولة ستذوب في معدتك ويخرج منها المسحوق. السعر عادة لصالح المسحوق السائب.

تجنب كما قلنا الأنواع الغريبة إلا لو كان لديك سبب قوي (مثلاً اضطراب المعدة الشديد من المونوهيدرات ولم ينفع تخفيف الجرعة، حينها ربما جرب HCL). غالبية المستخدمين يStickون بالمونوهيدرات العادي وينصحون به.

أتمنى أن تكون هذه الإجابات قد وضحت استفساراتك المتبقية. إن كان لديك سؤال آخر حول الكرياتين لم نغطيه، اتركه لنا في التعليقات وسنحاول الإجابة عنه حسب أحدث ما يتوفر من علم.

والآن، بعد كل ما قرأت عن الكرياتين… القرار لك. أنا شخصيًا كاتب المقال أستخدمه وأستفيد منه في تدريباتي، وأرى أنه من أفضل المكملات قيمةً وتأثيرًا. ولكن جسدك وحاجاتك فريدة لك، فاستفد من المعلومات بحكمة. أتمنى لك تدريبًا موفقًا ونتائج رائعة دائمًا!

المراجع

  1. Antonio, J., Candow, D. G., Forbes, S. C., Gualano, B., Jagim, A. R., Kreider, R. B., et al. (2021). Common questions and misconceptions about creatine supplementation: What does the scientific evidence really show? Journal of the International Society of Sports Nutrition, 18(1), 13. [PubMed]
  2. Kreider, R. B., Jäger, R., & Purpura, M. et al. (2022). Bioavailability, efficacy, safety, and regulatory status of creatine and related compounds: A critical review. Nutrients, 14(5), 1035. [DOI]
  3. Escalante, G., Gonzalez, A. M., St. Mart, D., et al. (2022). Analysis of the efficacy, safety, and cost of alternative forms of creatine available for purchase on Amazon.com: Are label claims supported by science? Heliyon, 8(12), e12113. [DOI]
  4. Lak, M., Forbes, S. C., Ashtary-Larky, D., Dadkhahfar, S., Candow, D. G., Tinsley, G. M., et al. (2025). Does creatine cause hair loss? A 12-week randomized controlled trial. Journal of the International Society of Sports Nutrition, 22(Suppl 1), 2495229. [PubMed]
  5. Antonio, J., & Ciccone, V. (2013). The effects of pre versus post workout supplementation of creatine monohydrate on body composition and strength. Journal of the International Society of Sports Nutrition, 10, 36. [DOI]
  6. Avgerinos, K. I., Spyrou, N., Bougioukas, K. I., & Kapogiannis, D. (2018). Effects of creatine supplementation on cognitive function of healthy individuals: A systematic review of randomized controlled trials. Experimental Gerontology, 108, 166–173. [PubMed]


    بحث هذه المدونة الإلكترونية