40ae899aa071d78e94fe5ef519e59a8f
باحث، مؤلف، مدرب وأخصائي تغذية علاجية معتمد، صانع محتوى علمي، ورائد طب الطهي في…

هل السكر الدايت يجعلك تشتهي الحلويات؟ الحقيقة العلمية

هل السكر الدايت يزيد اشتهاء الحلويات؟ اكتشف الحقيقة الكاملة بالأدلة العلمية الحديثة، وتعرّف على تأثير المحليات على الشهية والوزن والصحة.
author image
هل السكر الدايت يجعلك تشتهي الحلويات؟ الحقيقة العلمية – مقال شامل عن بدائل السكر والرغبة في الحلويات

هل السكر الدايت يجعلك تشتهي الحلويات؟ الحقيقة العلمية

إذا كنت تستخدم السكر الدايت (Diet Sugar) - وهو الاسم الشائع للمحليات الصناعية الخالية من السعرات - فقد تكون تساءلت يومًا: هل هذه المحليات البديلة تساعد حقًا في كبح جماح شهيتي للحلويات أم أنها على العكس تزيد من رغبتي في تناول السكريات؟

في هذا المقال العلمي المبسّط سوف أناقش معك أحدث ما توصلت إليه الأبحاث حول السكر الدايت واشتهاء الحلويات، مستخدمًا لغة واضحة وأمثلة من دراسات حديثة. سترى كيف يؤثر مذاق الحلاوة بدون سعرات على عقلك وجسمك، ولماذا هناك جدل كبير بين العلماء حول فوائد ومخاطر المحليات الصناعية. هدفي هو تزويدك بالمعلومات الموثوقة حتى تتمكن من اتخاذ قرار مستنير يناسب صحتك وأهدافك الغذائية.

سنتناول معًا ما هي المحليات الصناعية وأنواعها، وكيف يمكن أن تؤثر على إشارات الدماغ والهرمونات المرتبطة بالجوع والشبع. سأشاركك نتائج دراسات حالة مثيرة – منها تجارب على أشخاص يشربون صودا الدايت تحت أجهزة الرنين المغناطيسي لرصد نشاط الدماغ! كما سنستعرض أدلة متناقضة من الأبحاث: بعضها يشير إلى أن المحليات الصناعية قد تزيد الرغبة في الحلويات، وأخرى تجد أنها لا تؤثر على الشهية أو قد تساعد في تخفيف الوزن. وفي النهاية، سأقدم لك نصائح عملية حول كيفية استخدام السكر الدايت بذكاء، وكيف تقلل من اشتهاء الحلويات (Sugar Cravings) بطريقة صحية ومستدامة دون أن تشعر أنك محروم من الطعم الحلو.

دعنا نبدأ رحلتنا لفهم الحقيقة العلمية وراء السؤال المهم: هل السكر الدايت يجعلك فعلًا تشتهي الحلويات أكثر؟

ما هو السكر الدايت؟

قبل الخوض في تأثير السكر الدايت على الشهية، لنعرّف أولًا ما نعنيه بـ"السكر الدايت". في الحقيقة، هذا المصطلح الشائع يشير إلى مجموعة واسعة من المحليات الصناعية (Artificial Sweeteners) أو البدائل منخفضة/خالية السعرات للسكر. هذه المواد تتميز بأنها أحلى بكثير من السكر العادي (السكروز) وفي نفس الوقت تحتوي على قليل من السعرات الحرارية أو معدومة تقريبًا. يستخدمها الناس عمومًا بهدف الاستمتاع بالطعم الحلو بدون السعرات العالية الموجودة في السكر، وهذا إما للمساعدة في إنقاص الوزن أو للتحكم في سكر الدم لدى مرضى السكري.

أشهر أنواع المحليات الصناعية التي قد تكون سمعت بها أو تجدها في الأسواق تشمل ما يلي:

  1. الأسبارتام (Aspartame): محلي صناعي مشهور يوجد في مشروبات الدايت الغازية (مثل دايت كولا) وبعض الحلويات الخالية من السكر. حلاوته تعادل حوالي 200 ضعف حلاوة السكر العادي. يحتوي على سعرات ضئيلة جدًا لأنه مكوّن من حمضين أمينيين ويتم استقلابه بكمية صغيرة.
  2. سُكرالوز (Sucralose): يُسوَّق تحت اسم تجاري معروف هو "سبليندا Splenda". حلاوته تُقدّر بحوالي 600 مرة أكثر من السكر وفق دراسة حول تأثير تناول السُكرالوز على الجسم . تمت الموافقة عليه من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في التسعينات وهو شائع في المشروبات المحلاة صناعيًا والعلكة وبعض المخبوزات لأنه مستقر حراريًا.
  3. السكارين (Saccharin): أقدم المحليات الصناعية، اكتُشف في أواخر القرن التاسع عشر. حلاوته ~300 ضعف السكر. استُخدم قديمًا لمرضى السكري لكنه يعطي مذاقًا مريرًا خفيفًا بعد التذوق. تمت إثارة مخاوف حول سلامته في السبعينات بسبب دراسات ربطته بسرطان المثانة في الجرذان، لكن لاحقًا تبيّن أن تلك المخاطر خاصة بالقوارض وأزيلت التحذيرات بشأنه عام 2000.
  4. أسيسلفام البوتاسيوم (Acesulfame-K): محلي صناعي آخر حلاوته ~200 ضعف السكر، وغالبًا ما يُمزج مع محليات أخرى لتحسين المذاق.
  5. سيكلاميت (Cyclamate): محلي تم حظره في الولايات المتحدة عام 1969 لأسباب تتعلق بمخاوف مسرطنة محتملة، لكنه يُستخدم في بلدان أخرى. عادة يُمزج مع السكارين لتخفيف مذاقهما.
  6. نيوتام (Neotame) وأحدثهم أدفانتام (Advantame): محليات صناعية أقوى بكثير من السكر (نيوتام أقوى 7,000 مرة من السكر!).
  7. ستيفيا (Stevia): وهو محلي طبيعي مُستخرج من نبات الستيفيا. على الرغم من أنه من مصدر نباتي وليس اصطناعي التصنيع، كثيرًا ما يُصنَّف مع المحليات غير المغذية (NNS) لأنه لا يحتوي سعرات تقريبًا. حلاوته ~200-300 ضعف السكر. يتميز بأن مصدره طبيعي مما يجعله مفضلًا لدى البعض، وقد اعتمدته إدارة الغذاء والدواء أيضًا.
  8. البوليولات (Sugar Alcohols) مثل السوربيتول والإريثريتول والمالتيتول: هذه ليست محليات صناعية تمامًا (هي كحولات سكرية تحدث طبيعيًا أو تُنتج صناعيًا)، وتحتوي سعرات أقل من السكر العادي. غالبًا ما تستخدم في علكة "بدون سكر" وحلويات مرضى السكري لأنها لا تسبب ارتفاعًا كبيرًا بسكر الدم. منظمة الصحة العالمية لا تعتبرها ضمن الـ NSS (المحليات غير المغذية) لأنها تحتوي بعض السعرات.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

الاسم درجة الحلاوة مقارنة بالسكر أشهر الاستخدامات ملاحظات
الأسبارتام (Aspartame) 200 ضعف مشروبات الدايت، حلويات بدون سكر قليل السعرات – يتكوّن من أحماض أمينية
سُكرالوز (Sucralose) 600 ضعف مشروبات، علكة، مخبوزات مستقر حراريًا – معتمد من FDA
السكارين (Saccharin) 300 ضعف قديمًا لمرضى السكري مرارة خفيفة – أُزيلت التحذيرات عنه سنة 2000
أسيسلفام K (Acesulfame-K) 200 ضعف مزيج مع محليات أخرى لتحسين المذاق
سيكلاميت (Cyclamate) 30-50 ضعف محظور في أمريكا – مستخدم ببعض الدول يُمزج مع السكارين لتقليل المرارة
نيوتام / أدفانتام (Neotame / Advantame) 7000+ ضعف منتجات حديثة قوية جدًا – تُستخدم بكميات ضئيلة
ستيفيا (Stevia) 200-300 ضعف محليات طبيعية من أصل نباتي – لا يحتوي سعرات تقريبًا
البوليولات (Sugar Alcohols) أقل من السكر قليلاً علكة بدون سكر، حلويات لمرضى السكري تحتوي سعرات قليلة – لا تُصنَّف كمُحليات غير مغذية

هذه المحليات الصناعية تمت الموافقة على استخدامها من جهات صحية كبرى مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) والهيئات الأوروبية، وتُعد آمنة ضمن الحدود المسموح بها يوميًا. وهي متواجدة في مئات المنتجات "الدايت" أو "اللايت" – من المشروبات الغازية الدايت إلى الزبادي خالي السكر والحلوى منخفضة السعرات. في الواقع، تشير إحصائيات حديثة إلى أن حوالي 40% من البالغين في الولايات المتحدة يستخدمون المحليات الصناعية بانتظام كطريقة لتقليل استهلاك السكر والسعرات. نسبة مشابهة ربما نراها في دول كثيرة مع تزايد الوعي بالسعرات وتداعيات الإفراط في السكر.

لماذا نستخدم السكر الدايت أساسًا؟ ببساطة لأن السكر العادي رغم حلاوته المحببة يزودنا بسعرات "فارغة" كثيرة قد تساهم في زيادة الوزن وتراكم الدهون. ملعقة سكر صغيرة (حوالي 4 غرام) تحتوي ~16 سعرة حرارية، والكثير منا قد يستهلك عشرات الغرامات يوميًا عبر المشروبات والأطعمة المحلاة دون أن نشعر. على مدى أسابيع وشهور، قد يؤدي ذلك إلى فائض كبير في السعرات وزيادة في الوزن. المحليات الصناعية تقدم حلاوة قوية دون هذه السعرات، مما يجعلها أداة مغرية لمَن يحاول خفض وزنه أو يتحكم في سكر الدم (فهي لا ترفع سكر الدم مثل السكر العادي). إذن الفكرة مغرية جدًا: استمتع بالمذاق الحلو قدر ما تشاء بدون ذنب السعرات! ولكن... هل هذه الفكرة فعّالة حقًا فيما يخص كبح الرغبة في الحلويات وفي إدارة الوزن؟ هذا ما سنستكشفه بالتفصيل لاحقًا. لكن قبل ذلك، دعونا نفهم مفهوم الرغبة في الحلويات نفسها وما الذي يجعلنا نشتهي السكريات بهذا الشكل القوي.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر السكر العادي السكر الدايت (المحليات الصناعية)
السعرات الحرارية 16 سعرة في كل ملعقة صغيرة (~4 جم) 0 أو شبه صفر سعرات
التأثير على الوزن قد يُسهم في زيادة الوزن عند الاستهلاك المفرط يُستخدم كأداة للمساعدة في التحكم بالوزن
التأثير على سكر الدم يرفع سكر الدم بسرعة لا يرفع سكر الدم بشكل ملحوظ
مذاق الحلاوة طبيعي ومتوازن أقوى من السكر أحيانًا (حتى 200-600 ضعف)
الهدف من الاستخدام نكهة وحلاوة تقليدية بديل منخفض السعرات للحد من السكر

لماذا نشتهي الحلويات؟

من منا لم يُعانِ أحيانًا من الرغبة الشديدة في تناول شيء حلو بعد وجبة الغداء أو أثناء مشاهدة فيلم في المساء؟ إن اشتهاء الحلويات (Sugar Craving) هو شعور شائع يشمل رغبة ملحّة في تناول أطعمة أو مشروبات حلوة المذاق. لفهم ما إذا كانت المحليات الصناعية تساعد أم تزيد هذه الرغبة، يجدر بنا أن نتعمق قليلًا في أسباب ظاهرة اشتهاء السكريات وكيف يعمل السكر العادي في أجسامنا.

السكر كنوع من الإدمان اللذيذ

يصف بعض الباحثين السكر بأنه يمتلك خواص "إدمانية" إلى حد ما على الدماغ. فعند تناول السكر أو الأطعمة الغنية به، يُطلق الدماغ مواد كيميائية مرتبطة بالمكافأة والمتعة، وعلى رأسها الدوبامين (Dopamine) في مراكز المكافأة. هذا يشبه ما يحدث - وإن كان بدرجة أقل - عند تعاطي بعض المواد الإدمانية. مع الوقت، الاعتياد على جرعات عالية من السكر قد يجعل الدماغ يطلب المزيد للحصول على نفس مستوى المتعة السابق، مما يفسر لماذا يؤدي الإفراط المزمن في السكريات إلى اعتياد (Tolerance) ورغبة متزايدة في الحلويات بشكل يصعب كبحه.

في دراسة مثيرة أُجريت على الجرذان، وجد الباحثون أن الاستهلاك المتكرر للسكر أدى إلى أنماط سلوكية تشبه الإدمان تمامًا : نوبات شره للطعام، تململ واعراض انسحاب عند منعه، واشتهاء شديد عند العودة إليه. بل إن الجرذان التي حُرمت من السكر لفترة ثم سُمح لها مجددًا تناولت كميات أكبر بشكل محموم ، بشكل يوازي سلوك الشراهة عند البشر. هذه الدورة من التعود والانسحاب والاشتهاء تشير إلى قوة تأثير السكر على نظام المكافأة في الدماغ.

الأمر لا يقتصر على الدراسات الحيوانية. هناك دلائل لدى البشر أيضًا على أن السكر ينشط الدماغ بطريقة خاصة . فالتصوير الدماغي أظهر أن تذوق محلول سكري يُنشّط بقوة مناطق في المخ مثل القشرة الجبهية الحجاجية ومنطقة النواة المتكئة، وهي مناطق معروفة بدورها في الإحساس بالمكافأة والسعادة. لا عجب إذن أن قطعة حلوى لذيذة يمكن أن تحسّن مزاجنا وتشعرنا بالراحة – دماغنا يفرز مواد المكافأة ونشعر بالرضا مؤقتًا.

تأثير الاستهلاك المزمن للسكر على الشهية

تناول السكر بكثرة لا يمنحنا سعرات إضافية فحسب؛ بل قد يغير من حساسيتنا لمذاق الحلاوة ومن توازن هرمونات الشهية لدينا. فمثلًا، وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة غالبًا ما تتراجع لديهم حساسية التذوق للحلو ، أي يحتاجون تركيزًا أعلى من السكر ليشعروا بنفس درجة الحلاوة مقارنة بغيرهم. هذا قد يجعلهم يميلون لتناول حلوى أكثر حلاوة أو كميات أكبر للوصول للطعم المرغوب، مما يخلق حلقة مفرغة من الإفراط. كما أن البدانة قد تترافق مع تغيرات هرمونية – مثل ارتفاع الإنسولين وانخفاض حساسية هرمون الشبع اللبتين (Leptin) – وهذه التغيرات يمكن أن تعزز الشعور بالجوع والرغبة في الكربوهيدرات والحلويات تحديدًا. بكلمات أخرى، زيادة الوزن المفرطة قد تجعل الشخص أقل إحساسًا بحلاوة الطعام وأقل شعورًا بالشبع، مما يقود إلى مزيد من الاشتهاء للسكريات!

هناك أيضًا جدل حول ما يسمى "إدمان السكر". بعض الخبراء يرون أن استخدام هذا المصطلح للبشر قد يكون مبالغًا فيه، لكن آخرين يشيرون إلى تشابهات مدهشة بين الإفراط في السكر وبعض أنواع الإدمان. على سبيل المثال، دراسة معروفة عام 2007 وجدت أن جرذان المختبر التي تم تعويدها على كل من الكوكايين والمُحلّي الصناعي السكارين، أعطيت الخيار بين الضغط على رافعة للحصول على جرعة كوكايين أو جرعة من محلول السكارين المحلّى – فكانت المفاجأة أن أغلب الجرذان فضّلت الماء المحلّى بالسكارين على الجرعة المخدرة! قد لا نستطيع إسقاط هذه النتائج مباشرة على البشر، لكنها تسلط الضوء على مدى الجاذبية الفطرية للمذاق الحلو وارتباطه القوي بمراكز المكافأة في الدماغ.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العنصر الوصف أثره على اشتهاء الحلويات
الدوبامين (Dopamine) مادة كيميائية يفرزها الدماغ عند تناول السكر، تُحفز الإحساس بالمكافأة تعزز الرغبة في التكرار وتزيد من طلب الجسم للسكر
الاعتياد (Tolerance) احتياج الجسم لكمية أكبر من السكر للوصول لنفس الإحساس يزيد من استهلاك السكريات ويُغذي الاشتهاء
انخفاض حساسية التذوق الأشخاص الذين يعانون من السمنة يحتاجون لمذاق أكثر حلاوة للشعور بالرضا يؤدي إلى رغبة أكبر في تناول كميات أكبر من الحلويات
هرمون اللبتين (Leptin) هرمون الشبع الذي يُضعف تأثيره عند السمنة يقلل من الشعور بالشبع ويزيد من اشتهاء السكريات
المحليات الصناعية (مثل السكارين) تُنشط مراكز المكافأة بطريقة مشابهة للسكر، أحيانًا تتفوق عليه قد تزيد من الرغبة للسكريات بدلًا من كبحها

كيف يشبع السكر العادي الرغبة بالحلاوة؟

عندما تتناول قطعة من الشوكولاتة أو تشرب عصيرًا محلى بالسكر، يحصل أمران في جسمك يجعلانك تشعر بالرضا:

  1. تحفيز براعم التذوق وإشارات الدماغ: اللسان يحتوي على مستقبلات لطعم الحلاوة (مجموعة مستقبلات T1R2/T1R3 البروتينية). عند ارتباط السكر بهذه المستقبلات، ترسل إشارات عصبية إلى الدماغ (إلى القشرة المعزولة والفص الجبهي تحديدًا) حيث يُفسَّر الطعم على أنه حلو ولذيذ. في الوقت نفسه، يتم تنشيط نظام المكافأة في الدماغ (شبكة الدوبامين في المنطقة السقيفية البطنية والنواة المتكئة) مما يولد شعور المتعة والرضا. هذا التأثير الفوري للحلاوة هو ما يجعلنا نقول "هممم لذيذ!" مباشرة بعد قضم الحلوى.
  2. التأثير ما بعد الهضمي (Post-ingestive): على عكس المحليات الصناعية، السكر العادي يزوّد الجسم بسعرات وطاقة فعلية عند وصوله للجهاز الهضمي وامتصاصه. ارتفاع سكر الدم الناتج يحفّز إفراز هرمون الإنسولين (Insulin)، كما يؤدي لإفراز هرمونات معوية معينة تُرسل إشارات بالشبع إلى الدماغ مثل الببتيد YY وGLP-1 وغيرها. هذه المرحلة "البعدية" تعطي إشعارًا للجسم بأنه تلقّى طاقة ويبدأ الشعور بالاكتفاء والام

بعبارة بسيطة، السكر الحقيقي يشبع رغبتنا على مستويين: طعم حلو ممتع + طاقة حقيقية تسد الحاجة الداخلية وتطلق إشارات الشبع. الآن، لنفكر فيما يحدث لو حصلنا على الطعم الحلو دون تلك الطاقة... هذا بالضبط ما يحدث عند استخدام السكر الدايت. فهل يؤدي ذلك إلى نفس النتيجة أم يختلف التأثير؟

في الفقرة التالية، سنناقش كيف تعمل المحليات الصناعية في الجسم عندما نتناولها، وكيف يمكن للفصل بين مذاق الحلاوة والسعرات الحرارية أن يؤثر على شهية الإنسان ورغبته في المزيد من السكريات. سنبدأ باستكشاف الفرضيات العلمية حول هذا الموضوع، ثم ننتقل إلى الأدلة التجريبية من الدراسات الحديثة على البشر.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

المرحلة الآلية النتيجة
أثناء التذوق السكر ينشط مستقبلات الحلاوة (T1R2/T1R3) على اللسان تُرسل إشارات عصبية إلى الدماغ وتُفعّل نظام المكافأة (الدوبامين)
بعد الهضم السكر يُمتص ويزيد من سكر الدم يحفز إفراز الإنسولين وهرمونات الشبع (GLP-1، الببتيد YY)

كيف يعمل السكر الدايت؟

تتميز المحليات الصناعية بأنها تمنحنا مذاقًا حلوًا مكثفًا يفوق السكر العادي مرات عديدة، لكنها بالكاد تزودنا بسعرات. وهذا يعني أن تناول مشروب أو طعام محلى بمحلٍّ صناعي سيُشعر براعم التذوق لدينا بحلاوة ربما أقوى من السكر، ولكن الجسم لن يحصل على جلوكوز أو طاقة تذكر جراء ذلك. هذه المعادلة غير المألوفة (حلاوة بلا طاقة) هي جوهر النقاش حول تأثير السكر الدايت على الشهية.

دعونا نفكر بالأمر على مستوى الدماغ والجسم خطوة بخطوة. عندما تتذوق شيئًا محلى بالأسبارتام أو السكارين مثلًا، تعمل الخطوة الأولى بشكل طبيعي: مستقبلات الحلاوة على لسانك تنشط وترسل إشارة إلى دماغك "لقد وصلنا شيء حلو!". الدماغ يتلقى الإشارة ويبدأ نظام المكافأة بالاستجابة جزئيًا – فأنت تشعر بطعم حلو وربما شيء من الرضا الأولي. لكن ماذا بعد؟

في حالة السكر العادي، تأتي الخطوة الثانية (وصول السعرات وإفراز الهرمونات) لتكمل حلقة المكافأة والشبع. أما في حالة المحليات الصناعية، الخطوة الثانية مفقودة تقريبًا . لا يدخل إلى دمك جلوكوز يُذكر، وبالتالي لن يرتفع الإنسولين بنفس الشكل (إلا ربما ارتفاع طفيف جدًا إذا كان طعم الحلاوة نفسه يحفز إفرازًا ما للإنسولين). كذلك، المحليات الصناعية لا تحفّز إفراز هرمونات الشبع المعوية بالطريقة التي يفعلها السكر الحقيقي. النتيجة؟ قد يحصل عدم تطابق في جسمك بين ما تذوقته وما حصل عليه فعليًا.

تصف إحدى الفرضيات العلمية هذا الوضع بأنه "فصل الحلاوة عن السعرات" ويقترح العلماء أنه قد يقود إلى تأثيرات مثيرة للاهتمام على الشهية:

  1. أولًا، إشارات المخ المكافئة للأكل "غير مكتملة": الدراسات وجدت أن تناول المحليات الصناعية ينشّط مراكز التذوق والمكافأة في الدماغ جزئيًا مقارنة بالسكر . على سبيل المثال، أظهر تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أن شرب محلول سكري (جلوكوز) أدى إلى انخفاض مطوّل في نشاط منطقة تحت المهاد في الدماغ (إشارة مرتبطة بالشبع)، بينما شرب محلول محلى بالسُكرالوز لم يحدث نفس التأثير. بمعنى آخر، السكر الحقيقي أشعر الدماغ بوضوح بأنه "كفاية، لدينا طاقة قادمة"، أما المحلي الصناعي فترك الدماغ "معلقًا" دون إشارة إشباع قوية.
  2. ثانيًا، عدم وجود طاقة قد يولّد رغبة مستمرة في البحث عن الطاقة المفقودة: هناك تشبيه استخدمه بعض الباحثين، وهو أن الجسم عند تناول شيء حلو بدون طاقة قد يصبح مثل شخص يشم رائحة طعام شهي ولكن لا يجد ما يأكله – فيظل يبحث عن الطعام باستمرار لإرضاء تلك الحاسة. في تجربة على حيوانات مخبرية ، وُجد أن الفئران التي تناولت محليات صناعية استمرت في الأكل بشراهة في وقت لاحق كما لو أنها تحاول تعويض الطاقة الغائبة التي وعدها بها الطعم الحلو ولم تصل. يقول عالم الأعصاب كينغ يانغ (Qing Yang) في مراجعة له: "الحلاوة المنفصلة عن المحتوى الحراري تقدم تنشيطًا جزئيًا فقط لمسارات مكافأة الطعام... النقص في الإشباع الكامل – على الأرجح لفشل تفعيل المكون ما بعد الهضمي – يؤجج سلوك البحث عن الطعام". أي أن جسمك ربما يعوّض ذلك بأن يزداد شعورك بالشهية عمومًا بعد تناول محلي صناعي، لأنك حصلت على طعم محبب دون طاقة حقيقية، فيبقى نوع من "الجوع الخفي" يحتاج للإشباع.
  3. ثالثًا، بقاء التفضيل للطعم الحلو أو حتى تعزيزه: عندما تعتاد على مذاق حلو مركز طوال الوقت (سواء من السكر أو من المحليات)، فإن ذوقك يتكيف مع ذلك. المحليات الصناعية حلاوتها فائقة القوة (كما ذكرنا، بعضهم 200-600 ضعف السكر). الاستخدام المنتظم لها قد يجعل الأطعمة الأقل حلاوة – مثل الفواكه الطبيعية أو الخضروات – تبدو باهتة المذاق بالنسبة لك. وقد حذّر باحثون من أن الإفراط في تعريض براعم التذوق لحلاوة شديدة التركيز قد يرفع "عتبة التذوق" لديك، فتصبح بحاجة لمستوى حلاوة عالٍ لتشعر بالرضا. هذا قد يعني استمرار شهيتك تجاه الحلويات بشكل أكبر وصعوبة في تقبّل الأطعمة منخفضة الحلاوة. بعبارة أخرى، المحليات الصناعية قد تبقي "سِنّك الحلوة" مدربة ومتحفزة دائمًا بدلًا من أن تخففها. وقد علّق عالم التغذية د. ديفيد لودفيغ من جامعة هارفارد على ذلك قائلًا: "الاستخدام الروتيني للمحليات الشديدة الحلاوة قد يجعل الأطعمة الأقل حلاوة مثل الفاكهة أقل جاذبية، والأطعمة غير المحلاة مثل الخضار غير مستساغة". وهكذا قد يجد الشخص نفسه يميل أكثر فأكثر للأطعمة والمشروبات المحلاة (سواء بسكر أو ببدائله) ويعزف عن الخيارات الصحية غير المحلاة.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

الآلية أو المرحلة ما يحدث عند تناول محلي صناعي الأثر المحتمل على الشهية
استجابة براعم التذوق يُرسل إشارات "طعم حلو" إلى الدماغ كما يفعل السكر إحساس أولي بالرضا بدون طاقة فعلية
غياب السعرات والطاقة لا يصل جلوكوز حقيقي للدم، ولا يُحفَّز إفراز هرمونات الشبع كالمعتاد قد يبقى الجسم "معلّقًا" دون إشارة شبع واضحة
تأثير الدماغ (نظام المكافأة) تنشيط جزئي لمراكز المكافأة مقارنة بالسكر ربما يولّد رغبة في طعام إضافي لتعويض النقص
سلوك "البحث عن الطاقة" يشبه شم الطعام دون تناوله – الجسم يفتش عن طاقة وعد بها ولم تصل زيادة الشهية لاحقًا أو الأكل دون وعي
رفع عتبة التذوق للحلاوة المذاق الحلو القوي قد يجعل الأطعمة الطبيعية تبدو باهتة استمرار اشتهاء الحلو وصعوبة تقبّل الأطعمة غير المحلاة

من هذه المنطلقات النظرية، يمكن تصور سيناريو يكون فيه تناول السكر الدايت سلاحًا ذو حدين: فهو يمنحك حلاوة دون سعرات لحظيًا، لكنه ربما لا يشبع رغبتك بالكامل كما يفعل السكر الطبيعي، مما قد يقودك في النهاية إلى تناول المزيد من الطعام أو اشتهاء حلويات أخرى. بل يذهب بعض العلماء إلى القول بأن المحليات الصناعية "تشجع اشتهاء السكر والاعتماد عليه" على المدى الطويل، لأننا لم نقم فعليًا بكسر علاقة التعلق بالمذاق الحلو، بل واصلنا تعزيزها عبر طعم حلو مستمر. وقد كتب فريق من الباحثين في مقال علمي: "تعويد العالم على نظام غذائي أقل حلاوة قد يكون المفتاح لعكس وباء البدانة". هذه إشارة إلى أن الحل ربما ليس في استبدال السكر بمحليات تحافظ على نفس مستوى الحلاوة، بل في تخفيض مستوى الحلاوة الكلي في غذائنا تدريجيًا حتى تتعدل أذواقنا ونشتهي السكريات بنسبة أقل.

لكن لنتمهل قليلًا. ما سبق هو نظريات وفرضيات علمية، بعضها مدعوم بتجارب على الحيوانات أو ملاحظات محدودة. السؤال الأهم لنا: ماذا وجدت الدراسات التجريبية على البشر بخصوص السكر الدايت واشتهاء الحلويات؟ هل الناس فعليًا يأكلون أكثر أو يشعرون بجوع بعد تناول المحليات الصناعية مقارنة بالسكر العادي أو مقارنة بعدم تناول أي حلو؟ لننتقل الآن إلى أرض الواقع والأبحاث السريرية لنرى الصورة الفعلية كما ترسمها التجارب والدراسات الحديثة.

السكر الدايت بين الاتهام والبراءة

على مدار العقود القليلة الماضية، حاول العلماء مرارًا الإجابة على سؤال تأثير المحليات الصناعية على الشهية والوزن. النتائج كانت متباينة، مما أدى إلى انقسام الآراء. سنستعرض فيما يلي بعضًا من أهم الأدلة العلمية الحديثة في هذا المجال، مع تسليط الضوء على دراسات محددة لفهم أعمق:

دراسات تشير إلى زيادة الشهية والرغبة مع المحليات الصناعية

هناك عدد من الدراسات (خاصة في السنوات الماضية) قدّمت أدلة تدعم فكرة أن المحليات الصناعية يمكن أن تزيد الشهية أو تشجع على تناول المزيد من الطعام لدى بعض الأشخاص، لاسيما عند تناولها بشكل منعزل دون طعام آخر. إليك أبرزها:

دراسة USC لعام 2021 (شراب السُكرالوز ونشاط الدماغ): هذه واحدة من أكبر التجارب التي بحثت التأثير الفوري للمحليات الصناعية على إشارات الجوع في الدماغ وعلى كمية الأكل اللاحقة. قام باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا بقيادة د. كاثلين بيج بتجنيد 74 مشاركًا من فئات وزن مختلفة (نحيف، وزن زائد، بدين) ومن كلا الجنسين. في ثلاث زيارات منفصلة، قدموا لكل مشارك مشروبًا مختلفًا في كل مرة: مرة يحتوي سكر المائدة العادي (سكروز بكمية 75 جم تقريبًا)، ومرة يحتوي محلّيًا صناعيًا هو السُكرالوز (بتركيز يكافئ حلاوة الـ75 جم سكر ولكن بدون سعرات تذكر)، ومرة ماء فقط دون تحلية (كشاهد). خلال الساعتين التاليتين لكل تجربة، تم قياس عدة أمور:

  1. نشاط مناطق الدماغ: المسؤولة عن الشهية والرغبة في الطعام بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (تم عرض صور أطعمة غنية بالسعرات مثل البرجر والدونات للمتطوعين أثناء التصوير ومراقبة استجابة دماغهم ).
  2. مستويات هرمونات الدم: شملت الجلوكوز والإنسولين وبعض هرمونات الجهاز الهضمي المتعلقة بالشهية مثل جريلين (Ghrelin) المعروف بـ"هرمون الجوع"، وهرمونات الشبع مثل GLP-1 و PYY.
  3. كمية الطعام المتناول لاحقًا: أتيح للمشاركين بوفيه مفتوح من السناك بعد انتهاء التصوير، وتم قياس ما تناولوه من سعرات.

فماذا وجدت الدراسة؟ كانت النتائج لافتة للنظر:

  1. عند تناول مشروب السُكرالوز (مقارنة بمشروب السكر العادي)، زاد نشاط الدماغ في المناطق المرتبطة بالشهوة وتقييم المكافأة الغذائية لدى فئتين تحديدًا: النساء والأشخاص الذين يعانون من البدانة. أي أن الصور الشهية للأطعمة حفزت أدمغتهم بشكل أقوى بعد شرب المحلي الصناعي مما كانت عليه بعد شرب السكر. أما الرجال والأشخاص بوزن صحي فلم يظهر لديهم فرق يُذكر في نشاط الدماغ بين المشروبين.
  2. أيضًا انخفضت مستويات بعض هرمونات الشبع بعد تناول السُكرالوز مقارنة بالسكر. تحديدًا لوحظ انخفاض في هرمون GLP-1 والببتيد YY (إشارات الشبع) وارتفاع غير كبير في هرمون الجريلين (إشارة الجوع) عند البعض، مما يشير إلى أن مشروب المحلي لم يمنح نفس إحساس الامتلاء الذي منحه مشروب السكر.
  3. النتيجة الأبرز: النساء تناولن كمية أكبر من الطعام في بوفيه السناك بعد شرب مشروب السُكرالوز مقارنة بما أكلنه بعد مشروب السكر. في حين أن الرجال لم يكن هناك فرق واضح في كمية أكلهم بين الحالتين. أي أن النساء شعَرْنَ بجوع أو رغبة أكل أعلى بعد شراب المحلي (الذي لم يحتوي سعرات) مقارنة بشراب السكر الذي أعطاهن طاقة فعلية. الفارق لم يكن قليلًا: على سبيل المثال، المتوسط عند النساء كان حوالي 50 سعر حراري إضافيًا تناولوها بعد السُكرالوز مقارنة بالسكر.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

البند مشروب السُكرالوز (محلي صناعي) مشروب السكر العادي (سكروز) الملاحظات
نشاط الدماغ نشاط أعلى في مراكز الشهية لدى النساء ومرضى السمنة نشاط أقل نسبيًا الرجال لم يُظهروا فرقًا ملحوظًا
هرمونات الشبع (GLP-1، PYY) انخفاض ملحوظ بعد تناول السُكرالوز مستويات أعلى بعد تناول السكر يشير لانخفاض الإحساس بالشبع مع المحلي
هرمون الجوع (Ghrelin) ارتفاع طفيف في بعض المشاركين مستقر أو أقل يدعم فرضية زيادة الشهية مع المحلي
كمية الطعام المتناول لاحقًا زيادة بـ 50 سعر حراري لدى النساء في المتوسط كمية أقل من السُكرالوز الرجال لم يُظهروا فرقًا واضحًا

فسرّت د. بيج هذه النتائج بقولها: "يبدو أن الإناث والأفراد المصابين بالسمنة أكثر حساسية لتأثيرات المحليات الصناعية ... بالنسبة لهؤلاء، قد تخدع المشروبات المحلاة صناعيًا الدماغ ليشعر بالجوع، مما قد يؤدي في النهاية إلى تناول سعرات أكثر". يجدر التنويه أن الجميع في هذه التجربة كانوا صائمين منذ الليلة السابقة، لذلك ربما كان الجوع العام عاملًا مشتركًا، لكن مع ذلك الفرق بين السكر والمحلي كان حقيقيًا في النساء ومرضى السمنة. هذه الدراسة مهمة لأنها تؤكد ببناء تجريبي محكم بعض المخاوف: عند تناول مشروب بدون سعرات حلو المذاق، قد لا تكبح الشهية جيدًا بل ربما تزيد نشاط مراكز الجوع لدى بعض الناس مما يدفعهم لتناول طعام أكثر لاحقًا.

دراسات رصدية تربط المشروبات الدايت بزيادة الوزن: إلى جانب التجارب السريرية، هناك دراسات وبائية تتبعت أنماط استهلاك الناس عبر السنين. إحدى الدراسات الكلاسيكية هي دراسة سان أنطونيو للقلب حيث وجد الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يشربون بانتظام كميات كبيرة من مشروبات الدايت الغازية (أكثر من 21 عبوة أسبوعيًا) تضاعفت احتمالية إصابتهم بزيادة الوزن أو السمنة خلال فترة المتابعة مقارنة بمن لم يشربوا مشروبات دايت.

مثل هذه الدراسات لا تثبت السببية مباشرة (لأن من الممكن أن الأشخاص الذين كانوا يكتسبون وزنًا اتجهوا أكثر لمشروبات الدايت كإجراء، أي أن زيادة الوزن أدت إلى استهلاك المحليات وليس العكس). لكن تبقى هذه النتائج مؤشرًا مقلقًا يستحق الاهتمام: هل يا ترى استخدام المحليات الصناعية مرتبط بعادات غذائية أخرى أو تغيّرات تؤدي لزيادة الوزن على المدى الطويل؟

دراسات على الحيوانات حول الارتباك في الربط بين الحلاوة والسعرات: في تجربة معملية شهيرة عام 2010، قدم الباحثان سوزان سوذرز وتيري ديفدسون من جامعة بوردو للمجموعة الأولى من الجرذان لبنًا محلى بالسكر الحقيقي ولمجموعة ثانية لبنًا محلى بالسكارين (محلي صناعي) بشكل منتظم. وجدوا أن الجرذان التي اعتادت الطعم الحلو بدون سعرات أصبحت أقل كفاءة في تنظيم كمية السعرات التي تتناولها ، ومالت إلى الإفراط في الأكل وزيادة الوزن مقارنة بالجرذان التي كان طعم الحلاوة بالنسبة لها دائمًا مؤشرًا موثوقًا على وصول طاقة.

استنتج الباحثان أن المحليات الصناعية عطّلت قدرة الجسم الطبيعية على ربط المذاق الحلو بالسعرات، مما أدى إلى اضطراب في إشارات الشبع والامتلاء. هذا يدعم فكرة أن "فقدان مصداقية" الطعم الحلو قد يجعل الكائن غير قادر على التنبؤ بقدوم السعرات، فيأكل بلا توقف تحسبًا لما إذا كانت ستأتي سعرات أم لا.

هذه الدراسات وغيرها تميل إلى دق ناقوس الخطر بأن استخدام السكر الدايت ربما ليس حلًا سحريًا لكبح الشهية، بل قد يؤدي للبعض إلى شهية أعلى أو عادات تعويضية في الأكل. لكن هل هذه هي الصورة الكاملة؟ لنستعرض الآن الجانب الآخر من الأدلة، لأن العلم نادرًا ما يكون باتجاه واحد.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

نوع الدراسة الجهة/الباحثون النتائج الاستنتاج
تجربة سريرية (2021) جامعة جنوب كاليفورنيا – د. كاثلين بيج زيادة نشاط مراكز الشهية في الدماغ
انخفاض هرمونات الشبع
تناول سعرات أكثر بعد مشروب سُكرالوز
النساء ومرضى السمنة قد يشعرون بجوع أعلى بعد المحلي الصناعي
دراسة وبائية رصدية دراسة القلب في سان أنطونيو الأشخاص الذين يشربون مشروبات دايت بكثرة زادت لديهم احتمالية السمنة على المدى الطويل قد تكون المحليات مرتبطة بعادات غذائية غير صحية أو تعويضية
تجربة حيوانية (2010) سوزان سوذرز وتيري ديفدسون – جامعة بوردو الجرذان التي اعتادت المحليات بدون سعرات فقدت القدرة على تنظيم الشهية وزادت في الوزن غياب السعرات الحقيقية يعطّل "مصداقية" الحلاوة ويُربك إشارات الشبع

دراسات تشير إلى عدم زيادة الشهية أو تحسن التحكم بالسعرات

في المقابل، هناك العديد من الدراسات - وخاصة التجارب السريرية الأطول مدى والمراجعات المنهجية - التي لم تجد دليلًا على أن المحليات الصناعية تزيد الشهية أو المدخول الغذائي. بل بعضها وجد أنها قد تكون أداة نافعة لتقليل السعرات عند استخدامها كبديل للسكر ضمن نمط غذائي متوازن. إليك بعضًا من هذه الشواهد:

دراسة 2024 (مشروع SWEET الأوروبي): نُشرت مؤخرًا نتائج تجربة عالية الموثوقية قادها باحثون من جامعة ليدز في بريطانيا ضمن مشروع بحثي أوروبي حول المحليات. في هذه التجربة تمت مقارنة تأثير تناول البسكويت المحلى إما بالسكر العادي أو بنوعين من المحليات (أحدهما طبيعي وهو ستيفيا rebaudioside M والآخر صناعي قوي وهو نيوتام Neotame) على مدار فترة أسبوعين. شارك 53 رجل وامرأة يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. تناول كل مشارك كل نوع من البسكويت يوميًا لمدة أسبوعين (في ترتيب عشوائي مختلف) مع وجود فاصل أسابيع بين كل فترة وأخرى لتنقية الجسم. قاس الباحثون شهية المشاركين، مستويات سكر الدم والهرمونات بعد تناول البسكويت في اليوم الأول واليوم الرابع عشر من كل فترة.

ماذا كانت النتيجة؟ بشكل ملخص، لم يجد الباحثون أي فروق في الشهية أو مدخول الطعام بين تناول البسكويت بالمحليات مقابل البسكويت بالسكر. شعور الشبع والامتلاء المبلغ عنه من المشاركين كان متشابهًا في جميع الحالات، كما أن مستويات هرمونات الشهية (مثل جريلين وGLP-1) كانت متقاربة. الفارق الواضح الوحيد كان أن من أكلوا البسكويت بالمحليات الصناعية كانت استجابتهم لجلوكوز الدم والإنسولين أقل – وهو أمر متوقع وإيجابي لأنهم استهلكوا سكرًا أقل. بمعنى أن المحليات نجحت في خفض مدخول السكر دون "ضريبة" زيادة في الجوع. علّقت البروفيسورة آن رابين المشاركة في الدراسة قائلة: "تُظهر النتائج أن المحليات أداة مفيدة لتقليل تناول السكر المضاف دون أن تؤدي إلى زيادة تعويضية في الشهية أو استهلاك الطاقة، مما يدعم فائدتها لضبط الشهية والوزن".

هذه الدراسة قوية لأنها عشوائية مزدوجة التعمية وممتدة لأسبوعين (أي ليست مجرد جرعة واحدة في يوم واحد). أيضًا تم استخدام طعام صلب (البسكويت) وليس مشروب فقط، وتم إشراك مشاركين من ذوي الوزن الزائد (الفئة المعنية أساسًا باستخدام المحليات). النتيجة الرئيسية تدعم أن استبدال السكر بمحليات قد يقلل السعرات ويحسن سكر الدم دون آثار سلبية على الجوع.

مراجعة منهجية 2022 (جامعة بوزنان في بولندا): نشر فريق من الباحثين مراجعة حديثة في دورية Nutrients عام 2022 جمعت نتائج العديد من الدراسات حول استخدام المحليات الصناعية وتأثيرها على تفضيل الطعم الحلو وعلى فقدان الوزن . خلصت المراجعة إلى نتيجة مهمة: "معظم الدراسات أظهرت أن استهلاك الأطعمة المحلّاة بالمحليات غير الغذائية لا يزيد من تفضيل الطعم الحلو ولا يزيد من إجمالي مدخول الطاقة ".

كما ذكرت أن استبدال السكر بالمحليات قد يساعد في التحكم بالوزن لدى بعض الأفراد دون حدوث تعويض كامل في السعرات . أي أنه إذا وفّرت 100 سعرة عبر إزالة السكر، قد تأكل 20 سعرة زيادة لاحقًا بشكل غير مباشر، لكن يبقى الوفر الصافي 80 سعرة مثلًا في صالحك (هذا ما يسمى "التعويض غير الكامل للطاقة") . وبالفعل أشارت المراجعة إلى أن أي تعويض يحدث في الشهية عند استخدام المحليات هو غير كافٍ لإحداث زيادة وزن أو إبطال فقدان الوزن. هذا يتفق مع مراجعات أقدم مثل مراجعة (Mattes & Popkin 2009) التي ذكرت أن استبدال السكر بالمحليات ينتج عنه انخفاض إجمالي في مدخول السعرات حوالي 5-15% يوميًا في التجارب طويلة الأمد، مما يعني إمكان فقدان الوزن على المدى الطويل، وإن كان بشكل متواضع .

تجارب إنقاص وزن طويلة المدى: لدينا أيضًا بعض التجارب السريرية التي قارنت مباشرة ما إذا كان دمج المشروبات/الأطعمة المحلاة صناعيًا ضمن حمية فقدان الوزن يساعد أم يضر مقارنة بعدم تناولها. إحدى هذه الدراسات نُشرت في عام 2016 (ضمن مشروع يسمى CHOICE) حيث تم تقسيم مشاركين يتبعون حمية خفض وزن إلى مجموعتين: مجموعة تشرب على الأقل 710 مل من مشروبات الـ"دايت" يوميًا، ومجموعة تشرب الماء فقط ويتجنبون المحليات تمامًا. على مدى 12 أسبوعًا، وجدت الدراسة أن المجموعتين فقدتا وزنًا لكن المجموعة التي شربت مشروبات الدايت كان فقدانها للوزن أكبر بقليل من مجموعة الماء، وفقًا لما ورد في مراجعة موقع Harvard T.H. Chan حول إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن المحليات الصناعية . الباحثون عزوا ذلك إلى أن إتاحة مشروبات الدايت ربما ساعدت الأشخاص على الالتزام بالحمية عبر إعطائهم خيارًا مرضيًا لحلاوة بدون سعرات، في حين شعر آخرون بالحرمان بدون أي طعم حلو فواجهوا صعوبة أكبر. هذه النتيجة مثيرة للجدل لأن شركات المشروبات مولت بعض هذه الدراسات، لكن يجب ذكرها: بعض الأدلة تقترح أن المحليات الصناعية يمكن أن تكون جزءًا من استراتيجية فعالة لفقدان الوزن إذا استخدمت بعقلانية وضمن حمية محسوبة السعرات.

الهيئات الصحية العالمية لم تجد أدلة حاسمة على ضرر المحليات للشهية: في عام 2023، قامت منظمة الصحة العالمية (WHO) بإصدار توجيهات بعد مراجعة شاملة للأدلة حول المحليات غير الغذائية. من ضمن ما بحثته المنظمة هو تأثير المحليات على الوزن والشهية. النتيجة: وجدت منظمة الصحة العالمية أن استبدال السكر بالمحليات الصناعية يؤدي في التجارب السريرية إلى انخفاض طفيف في السعرات المستهلكة ووزن الجسم على المدى القصير، دون تأثير واضح على الشهية بشكل عام . بعض التجارب في المراجعة أظهرت حتى انخفاضًا في الشعور بالجوع مع استخدام المحليات، بينما أظهرت تجارب أخرى زيادة في الشهية لدى المشاركين الذين يستهلكون كميات كبيرة من مشروبات المحليات – فكان المتوسط لا تأثير إجمالي يُذكر . بمعنى أن تأثير المحليات على الجوع غير ثابت ويعتمد على الظروف، ولكن ليس هناك اتجاه واحد قوي يؤكد أنها تزيده دومًا. وقد صرّحت منظمة الصحة العالمية: "لا يوجد تأثير ذو دلالة للمحليات غير السكرية على مستويات الجوع أو الشبع عمومًا ".

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

نوع الدراسة الجهة/الباحثون النتائج الاستنتاج
تجربة سريرية (2024) مشروع SWEET – جامعة ليدز لا فروق في الشهية أو الشبع بين المحليات والسكر
انخفاض أفضل في سكر الدم بعد تناول المحليات
المحليات قللت مدخول السكر دون زيادة في الجوع
مراجعة منهجية (2022) جامعة بوزنان – مجلة Nutrients المحليات لا تزيد من تفضيل الطعم الحلو
ولا من إجمالي الطاقة المستهلكة
التعويض الحراري غير كامل
استخدامها قد يُخفض السعرات ويساعد في فقدان الوزن
تجربة فقدان وزن (2016) دراسة CHOICE – مراجعة Harvard مجموعة مشروبات الدايت فقدت وزنًا أكثر قليلًا من مجموعة الماء
بسبب شعور أقل بالحرمان
مشروبات الدايت قد تسهّل الالتزام بالحميات
توصيات رسمية (2023) منظمة الصحة العالمية (WHO) انخفاض طفيف في السعرات والوزن
لا تأثير واضح على الشهية بشكل عام
المحليات لا تؤدي تلقائيًا لزيادة الجوع لدى الجميع

هذه المعطيات كلها تجعل الصورة أكثر توازنًا: المحليات الصناعية بحد ذاتها لا تظهر بشكل قاطع أنها تزيد الشهية أو مدخول الطعام لدى الجميع. كثير من الناس يستخدمونها بنجاح لتقليل السعرات والتحكم بالوزن دون ملاحظة زيادة في رغبتهم بتناول الحلويات. بل إن بعض التجارب المحكمة تدعم فائدتها كأداة لتقليل استهلاك السكر الزائد دون آثار جانبية تُذكر على الشهية أو الوزن ، وتشير مراجعات شاملة إلى أن استبدال السكر بالمحليات قد يساهم في فقدان الوزن دون تأثير سلبي على تفضيل الطعم الحلو أو الشهية .

لماذا تختلف نتائج الدراسات؟

بعد استعراض الأدلة المتعارضة، قد تشعر بشيء من الحيرة: هل تجعلني المحليات الصناعية جائعًا أكثر أم لا؟ الحقيقة أن الجواب قد يختلف من شخص لآخر ومن ظرف لآخر. هناك عدة عوامل تفسر لماذا وجدت بعض الدراسات تأثيرات سلبية للمحليات بينما لم تجد أخرى ذلك:

1. اختلاف ظروف الاستخدام. 

تأثير المحليات على الشهية يتأثر جدًا بكيفية ومتى نستهلكها. تناول المحليات الصناعية على معدة فارغة دون أي طعام آخر (كما في تجربة USC حيث شرب المشاركون مشروب محلّى صناعيًا بعد صيام) قد يؤدي إلى شعور أقوى بالجوع لاحقًا ، لأن الجسم لم يحصل على أي طاقة مع الطعم الحلو. أما تناول المحليات مع وجبة متكاملة أو ضمن طعام يحتوي عناصر أخرى (بروتين، ألياف، دهون) فقد يخفف كثيرًا من أي تأثير، لأن وجود مغذيات أخرى يعوّض غياب السكر. مثلًا، دراسة البسكويت 2024 أعطت المحليات كجزء من طعام يحتوي دقيق وألياف، فلم يحدث أي زيادة جوع . هذا ينسجم مع ما ذكره خبراء منذ 2009: أن استخدام المحليات في منتجات خالية تمامًا من الطاقة قد "يحفّز الشهية" قليلاً ، لكن عند استخدامها في أطعمة أو مشروبات ضمن سياق سعرات أخرى لا يُلاحظ هذا التأثير . لذلك إذا كنت تشرب مشروب دايت مع وجبة، غالبًا لن تشعر بفرق سلبي؛ أما شربه لوحده كوجبة خفيفة صفرية فقد يجعلك تبحث عن لقمة لاحقًا.

2. اختلاف الأفراد.

كل شخص فريد في استجابته. الجنس على ما يبدو له دور؛ أظهرت تجربة USC أن النساء يتأثرن بوضوح بغياب السعرات بعد المحلي بينما الرجال لم يتأثروا . ربما ترتبط هذه الفروق بتأثير الهرمونات الجنسية على مراكز الشهية. أيضًا الحالة الصحية والوزن مهم: الأشخاص المصابون بالسمنة ربما يكون لديهم نظام مكافأة “متحسس” أكثر لأي إشارة غذائية، لذا جاءت استجابتهم أقوى للمحلي في الدراسة ذاتها . العادات السابقة أيضًا تلعب دورًا؛ شخص معتاد على شرب 5 علب صودا سكرية يوميًا ثم يستبدلها بالصودا الدايت قد يشعر برضا كبير لأنه خفف حلاوة معتاد عليها دون حرمان، بينما شخص غير معتاد على طعم المحليات قد يجدها غير مرضية ويبحث عن سكر حقيقي.

3. التعوّد والتكيف.

بعض التأثيرات ربما تظهر في المدى القصير فقط ثم يتكيف الجسم. مثال: قد تشعر بأول فترة أنك تأكل أكثر عند التحول للمحليات، لكن بعد بضعة أسابيع ربما يستقر نظام إشارات جسدك على الوضع الجديد. الدراسات قصيرة المدى قد تلتقط تغيرات مرحلية، بينما الطويلة الأمد (كالتي تمتد شهورًا) لم تجد فرقًا يُذكر في مجموع ما يأكله الناس .

4. السلوك التعويضي النفسي.

جانب مهم لكنه غير فيزيولوجي تمامًا هو طريقة تفكيرنا عندما نستهلك منتج "دايت". بعض الأشخاص للأسف يقعون في فخ ذهني: "بما أنني وفّرت سعرات بشرب صودا دايت، يمكنني أن أسمح لنفسي بكعكة إضافية". هذه الظاهرة موثقة حيث يميل البعض إلى تعويض ما ظنوا أنهم وفروه من سعرات عبر المحليات بتناول سعرات من مصدر آخر . وهنا المشكلة ليست في المحلي نفسه بل في قرار الشخص. لذا لوحظ في بعض الدراسات أن مستخدمي المحليات يميلون أيضا لاستهلاك أطعمة عالية السعرات أكثر من غير المستخدمين - ربما كشعور بالاستحقاق أو لتخفيف الحرمان. الحل لهذا هو الانتباه وعدم استخدام "الدايت" كذريعة للإفراط، بل كأداة مساعدة فحسب.

5. الاختلاف بين نوع محلي وآخر.

رغم أن جميع المحليات الصناعية تشترك بكونها أحلى من السكر بكثير وخالية السعرات، إلا أن لكل منها تركيبة كيميائية مختلفة قد تؤثر على الجسم بطرق متفاوتة طفيفة. مثلًا، هناك أبحاث حديثة تشير إلى أن بعض المحليات (كالسُكرالوز) ربما تؤثر على تركيبة ميكروبات الأمعاء (Gut Microbiome) عند استهلاكها بكثرة جدًا، مما قد يؤثر بشكل غير مباشر على عمليات الأيض والشهية . أيضًا محليات مثل الأسبارتام تتحلل في الجسم إلى أحماض أمينية قد يكون لها تأثيرات مختلفة عن محليات تبقى بدون أيض كالسُكرالوز. لكن حتى الآن، لا يوجد دليل قاطع أن نوعًا معينًا من المحليات يزيد الشهية أكثر من غيره بشكل واضح – الاختلافات إن وجدت بسيطة وتحتاج المزيد من البحث.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العامل الشرح أثره على نتائج الدراسات
ظروف الاستخدام تناول المحلي على معدة فارغة مقابل تناوله مع وجبة متكاملة على معدة فارغة قد يزيد الجوع، بينما مع الطعام لا يظهر تأثير سلبي
اختلاف الأفراد النوع، الوزن، الحالة الصحية، والعادات الغذائية النساء ومرضى السمنة أكثر عرضة لتغيرات في الشهية
التعوّد والتكيف تأثير المحليات في المدى القصير مقابل الطويل ربما يظهر أثر في البداية فقط ثم يختفي مع التعود
السلوك التعويضي النفسي استخدام الدايت كذريعة لتناول طعام عالي السعرات قد يُفسر نتائج تشير إلى زيادة استهلاك الطعام رغم استخدام المحليات
نوع المحلي المستخدم الاختلاف بين الأسبارتام، السكرالوز، وغيرهم تأثيرات بسيطة محتملة على الميكروبيوم أو الأيض – غير مؤكدة تمامًا

خلاصة الأمر، يظهر أن تأثير السكر الدايت على اشتهاء الحلويات ليس مطلقًا. فهو يعتمد على السياق والفرد. إذا كنت تجد نفسك مثلًا تشرب مشروبًا غازيًا محلى صناعيًا وحده في فترة الظهيرة ثم تراودك رغبة بأكل قطعة حلوى بعدها بساعة، فقد تكون من الأشخاص الذين يشعرون بهذا الأثر. الحل ربما أن تتناول المشروب مع وجبة فيها بروتين وألياف أو تستبدله في تلك الحالة بالماء وتتجنب الإغراء. أما إن كنت من الناس الذين يستخدمون المحليات دون ملاحظة جوع إضافي، فربما لا داعي للقلق – استفد منها بحكمة.

بعد هذا النقاش حول الشهية، لننتقل إلى الصورة الأكبر: تأثير المحليات الصناعية على إدارة الوزن وصحة الجسم عامة. لأن اشتهاء الحلويات مرتبط جدًا بهدف الوزن الصحي. هل السكر الدايت يساعد فعلًا في التخسيس أم أن له تبعات أخرى تجعل فوائده محدودة؟ لنكتشف ذلك في القسم التالي.

السكر الدايت والتحكم في الوزن

عند الحديث عن السكر الدايت، غالبًا ما يتبادر إلى الذهن موضوع إنقاص الوزن. فالأسباب الرئيسية لاستخدام المحليات الصناعية هي تخفيض السعرات وفقدان الوزن أو السيطرة عليه. لذلك من المهم أن نعرف: هل الذين يستبدلون السكر بالمحليات ينجحون فعلاً في إنقاص وزنهم أو الحفاظ عليه؟ أم أن هناك ارتباطات غير متوقعة بزيادة الوزن أو مشاكل صحية أخرى؟ لنستعرض أحدث ما يقوله العلم:

تأثير المحليات على الوزن في التجارب السريرية

التجارب العشوائية المضبوطة (RCTs) هي أفضل طريقة لمعرفة السببية. وقد أجرِيت عدة تجارب لفحص تأثير المحليات الصناعية على وزن الجسم:

1. فقدان وزن طفيف في المدى القصير.

كما ذكرنا سابقًا، وجدت مراجعات لعدة تجارب (مثل مراجعة منظمة الصحة العالمية 2023) أن إحلال المحليات مكان السكر يؤدي إلى خسارة وزن بسيطة على المدى القصير . مثلًا، في متوسط التجارب لمدة 3-6 أشهر كان الفرق في الوزن حوالي 0.7 إلى 1.3 كجم أقل لصالح من يستخدمون المحليات مقارنة بمن يتناولون السكر العادي . هذا فارق متواضع لكنه يعكس توفيرًا في السعرات (ربما 50-150 سعرة أقل يوميًا).

2. لا فائدة بدون حمية منضبطة.

من النتائج المحورية أن استخدام المحليات وحده بدون ضبط باقي النظام الغذائي ليس وصفة سحرية للرشاقة. في الحقيقة، أكدت مراجعات مثل مراجعة (Mattes & Popkin 2009) أنه دون وجود تقييد عام للسعرات فإن إضافة المحليات لنظامك لن يؤدي تلقائيًا لنزول وزن . أي إذا كنت تتناول كل شيء كما يحلو لك ولكن تستبدل السكر بالمحليات في مشروباتك فقط، فقد لا ترى أثرًا كبيرًا وربما تعوّض تلك السعرات في مكان آخر. أما إذا كنت تتبع نظامًا محسوب السعرات، فإن المحليات تساعدك على الالتزام من خلال توفير بعض السعرات.

3. المحليات مقابل الماء لفقدان الوزن.

هناك تساؤل شائع: أيهما أفضل عند اتباع حمية، شرب مشروبات دايت أم شرب الماء فقط؟ جاءت الإجابة من دراسة 2015 نُشرت في أوبسِتي Obesity حيث وُزّع المشاركون الذين يتبعون حمية منخفضة السعرات إلى مجموعة تشرب ماء فقط وأخرى يُسمح لها بالمشروبات المحلاة صناعيًا (كالصودا الدايت) خلال الوجبات. المفاجأة: مجموعة المشروبات الدايت فقدت وزنًا أكثر قليلاً من مجموعة الماء بعد 12 أسبوعًا . أحد التفسيرات هو أن المشروبات المحلاة صناعيًا ساعدتهم على الشعور بالرضا والالتزام بالحمية لفترة أطول، في حين شعر الآخرون بحرمان أكثر وربما كسروا الحمية مبكرًا. بالتالي، ضمن سياق حمية محكمة، المحليات الصناعية قد تكون أداة مساعدة أفضل من منع الحلو تمامًا لبعض الأشخاص. بالطبع الماء يبقى الخيار الصحي المثالي، لكن هذه النتيجة تظهر أن الخيارات الوسط مقبولة إن ساعدت في تحقيق الهدف.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

النقطة البحثية النتائج المستخلصة المصادر والتجارب
تأثير المحليات على الوزن في المدى القصير فقدان طفيف في الوزن (0.7 - 1.3 كجم) خلال 3-6 أشهر مراجعة WHO 2023 وغيرها
أهمية النظام الغذائي العام لا فائدة واضحة للمحليات دون تقييد عام للسعرات Mattes & Popkin (2009)
المحليات مقابل الماء أثناء الحمية المجموعة التي شربت مشروبات دايت فقدت وزنًا أكثر قليلاً من مجموعة الماء دراسة نُشرت في Obesity – 2015
السبب المحتمل للتفوق على الماء المحليات قللت الشعور بالحرمان وساعدت على الالتزام بالحمية تحليل الباحثين لنتائج التجربة

الأدلة الرصدية وطول الأمد: تحذيرات منظمة الصحة العالمية

على الجانب الآخر، الدراسات الوبائية طويلة المدى قدّمت صورة أقل تفاؤلًا حول المحليات الصناعية. هذه الدراسات تتبع آلاف الناس عبر سنوات لمعرفة ارتباط استهلاكهم للمحليات بصحتهم ووزنهم. وتشير بعض أبرز نتائجها إلى:

  1. كما أسلفنا، تم ربط الاستهلاك المنتظم لمشروبات الدايت بارتفاع في معدلات زيادة الوزن والسمنة مع مرور الوقت . وأيضًا ببعض المخاطر الصحية كالسكري وأمراض القلب.
  2. منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2023 قامت بتحليل هذه الدراسات وغيرها وخلصت إلى توصية سلبية: لا تنصح باستخدام المحليات غير السكرية كوسيلة للتحكم بالوزن على المدى الطويل . هذا لا لأن المحليات تسبب زيادة الوزن مباشرة، وإنما لأنه لم يتبين أنها تحقق فائدة واضحة طويلة الأمد، بل وجدت بعض الدراسات ارتباطها مع مشاكل صحية. ففي مراجعة WHO: لم يظهر أن استبدال السكر بالمحليات أدى لفقدان وزن مستدام بعد السنة – الكثير قد يكسبون الوزن مجددًا ربما لأسباب سلوكية . وظهرت ارتباطات بين الاستخدام طويل الأجل للمحليات وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع 2، وأمراض القلب، وحتى زيادات طفيفة في معدل الوفيات . لكن المنظمة أشارت بوضوح إلى أن هذه الروابط قد تكون مشوشة بعوامل أخرى (Confounded) – مثل أن مستخدمي المحليات كانوا غالبًا يعانون من البدانة أو مخاطر صحية من البداية (أي أن السمنة دفعتهم للمحليات وليس العكس) .
  3. بناءً على المعطيات، نصحت منظمة الصحة العالمية بأن الحل الأفضل هو تقليل الحلويات عمومًا في النظام الغذائي وليس استبدال السكر بمحليات مع الحفاظ على مستوى الحلاوة مرتفعًا . قالت ما معناه: "استبدال السكر الحر بالمحليات لا يساعد في ضبط الوزن على المدى البعيد... ينبغي للناس البحث عن طرق أخرى لتقليل السكريات مثل تناول الفواكه والأطعمة غير المحلاة، والأفضل خفض مستوى المذاق الحلو في الحمية ككل بدءًا من عمر مبكر ".
  4. الصحة الأيضية ومخاطر أخرى: هناك نقاش مستمر حول تأثير المحليات على جوانب صحية مثل السكر التراكمي، مقاومة الإنسولين، ضغط الدم، وحتى السرطان. معظم الهيئات (FDA، EFSA الأوروبية) تعتبر المحليات آمنة ضمن الحدود. لكن بعض الدراسات الفردية أثارت إشارات: مثلا واحدة ربطت الاستهلاك العالي جدًا للمحليات بزيادة بسيطة في خطر السكتة الدماغية؛ أخرى وجدت تغييرات في ميكروبيوم الأمعاء قد تؤثر سلبًا ؛ ومؤخرًا الجدل حول الأسبارتام (Aspartame) وتصنيفه كمادة "قد تكون مسرطنة" من قبل منظمة الأبحاث الدولية للسرطان في 2023 لكن بأدلة محدودة جدًا . هذه المخاوف تدور في فلك الجرعات العالية المزمنة. فعلى سبيل المثال، لكي تتجاوز حد استهلاك الأسبارتام الآمن الذي حددته منظمة الصحة (40 ملغ لكل كغ وزن)، يحتاج الشخص لشرب ما يقارب 10-12 علبة صودا دايت في اليوم  – وهذا أكثر مما يستهلكه أغلب الناس. إذا التزمت بالكميات المعتدلة، لا توجد أدلة قوية على ضرر صحي خطير مباشر. لكن الاعتدال واجب لأننا ما زلنا نتعلم المزيد عن التأثيرات طويلة الأمد.

باختصار، فيما يتعلق بالوزن والصحة: المحليات الصناعية يمكن أن تكون سلاحًا مفيدًا إذا تم استخدامها ضمن خطة متكاملة لتقليل السعرات، وقد تساعدك على خفض الوزن أو الحفاظ عليه في المدى القصير. لكنها ليست تذكرة ضمان، وقد لا تؤدي غرضها إن لم تغيّر نمط أكلك ككل. بل وقد ترتبط ببعض المخاطر لو اعتمدت عليها كحل دائم وأساسي دون تغيير عاداتك الأخرى. رسالة منظمة الصحة العالمية واضحة: لا تتوقع من السكر الدايت أن يكون عصًا سحرية للوزن، والأفضل خفض اعتيادنا العام على الطعم الحلو .

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

المحور النتائج/التحذيرات ملاحظات وتوصيات
الوزن على المدى الطويل لا فائدة واضحة لاستبدال السكر بالمحليات في إنقاص الوزن بعد سنة كاملة الأفضل خفض الحلاوة ككل، وليس مجرد استبدالها
الصحة القلبية والتمثيل الغذائي ارتباطات ببعض المخاطر مثل السكري وأمراض القلب والسكتة الدماغية (في دراسات رصدية) الارتباط لا يعني السببية وقد يكون مشوشًا بعوامل أخرى
الميكروبيوم والجهاز الهضمي بعض الدراسات ربطت المحليات بتغيرات في بكتيريا الأمعاء ↗ التأثيرات ما زالت غير محسومة وتحتاج دراسات أعمق
خطر السرطان (Aspartame) مصنّف كـ "قد يكون مسرطنًا" بأدلة محدودة جدًا (IARC – 2023) الجرعات المرتفعة جدًا هي محور القلق، لا الاستهلاك العادي
التوصية العامة من WHO لا يُنصح باستخدام المحليات للتحكم بالوزن على المدى البعيد التركيز يجب أن يكون على تقليل الحلاوة عمومًا منذ سن مبكرة

بعد هذا الاستعراض العلمي المفصل، أين يقودنا ذلك بالنسبة لسؤالنا الأساسي عن اشتهاء الحلويات؟ حان الوقت لنجمع الخيوط معًا ونقدم الخلاصة مدعومة بالنصائح العملية لك كقارئ مهتم بصحته.

نصائح عمليّة: كيف تسيطر على الرغبة بالحلويات؟

لقد رأينا أن موضوع السكر الدايت واشتهاء الحلويات ليس بسيطًا بنعم أو لا. الأمر يعتمد على استخدامك له وعلى جسمك. لذا إليك بعض الإرشادات العملية المبنية على ما استخلصناه من العلم، والتي يمكنك اتباعها للتوفيق بين حبك للطعم الحلو وهدفك في صحة أفضل والتحكم في شهيتك:

1. جرّب مراقبة نفسك: هل المحليات الصناعية تؤثر على شهيتك؟

لا يوجد رد فعل موحد لجميع الناس. لذا من المفيد أن تراقب نمطك الشخصي. مثلًا، لاحظ خلال أسبوع: عندما تشرب مشروبًا محلى صناعيًا في فترة معينة، هل تجد نفسك تتوق بعدها لشيء حلو أو تتناول وجبة خفيفة أكثر مما كنت ستفعل عادة؟ إذا كان الجواب نعم، فقد يكون من الأفضل تعديل تلك العادة (كتناول المشروب مع وجبة، أو استبداله أحيانًا بالماء) لتجنب زنّ الجوع هذا. أما إن كنت لا تلاحظ فرقًا وكانت المحليات تشعرك بالاكتفاء بدلًا من تناول السكر، فاستمر في استخدامها باعتدال.

2. استخدم المحليات الصناعية كوسيلة لتقليل السعرات، وليس دعوة لتناول المزيد.

تذكر قاعدة مهمة: لا تقع في فخ التعويض. لا تقل "أخذت الآيس كريم دايت إذًا يمكنني أن أتناول قطعة بيتزا زيادة". الهدف الأساسي هو خفض إجمالي السعرات والسكر. إذا وفرت 100 سعرة من هنا ثم أخذت 200 من هناك، أضعت الفائدة. استخدم منتجات الدايت كوسيلة مساعدة لكبح الوحدات الحرارية، لكن حافظ على باقي خياراتك الغذائية صحية ومعتدلة أيضًا. المحليات ليست رخصة للإفراط في الحلويات الأخرى.

3. الأفضل تناول المحليات مع وجبات متوازنة.

إذا كنت تجد أن المشروبات أو الحلويات المحلاة صناعيًا لوحدها تزيد شعورك بالجوع، فجرّب أخذها مع الطعام وليس كبديل عن الطعام. مثلًا، بدل شرب مشروب الصودا الدايت بمفرده بين الوجبات، خذه أثناء وجبة الغداء. بذلك يكون جسمك مشغولًا بهضم الطعام الحقيقي وتصله سعرات من الأكل، فلن يتسبب المحلي بارتباك كبير. الدراسة أشارت أن المحليات عندما تستهلك مع عناصر مغذية أخرى لا تحفز الجوع . كذلك تجنب أن تكون كل وجبتك عبارة عن شيء محلى صناعيًا فقط (مثل كوب لبن دايت فقط في الفطور)، من الأفضل إضافة بروتين أو ألياف معه.

4. درّب حواسك على الاستمتاع بحلاوة أقل تدريجيًا.

واحدة من النصائح الذهبية من خبراء التغذية: قلّل مستوى الحلاوة في غذائك تدريجيًا حتى تتكيف براعم التذوق لديك. على سبيل المثال، إذا كنت تضيف ملعقتين من السكر (أو ما يعادلهما من المحلي) في قهوتك، حاول تقليلها إلى ملعقة ونصف لفترة، ثم ملعقة، وستتفاجأ أنك بعد أسابيع اعتدت واستسغت ذلك. الأمر نفسه مع المشروبات الغازية: إن استطعت تخفيفها (مثلا نصف الكمية صودا دايت ونصف ماء فوار) أو التحول إلى عصير طبيعي مخفف. الدراسات بينت أنه عندما قام الناس بتقليل تناولهم من الملح أو الدهون تدريجيًا تكيفت أذواقهم وصاروا يفضلون المستويات الأخفض بعد فترة . وبالمثل، "تحلية حياة الناس بشكل أقل" قد تجعلهم بمرور الوقت أقل اشتياقًا للسكر . يمكنك أن تصبح أقل اعتمادًا على المذاق الحلو بحيث ترضيك قطعة فاكهة أو زبادي خفيف بدلًا من حلوى ثقيلة. هذا لا يحدث بين يوم وليلة، لكن التدريج سيساعدك على تحقيقه دون الشعور بصدمة الحرمان.

5. فضّل المحليات الطبيعية أو ذات القيمة المضافة عند الإمكان.

إن كنت تريد بديلًا للسكر، قد يكون من الأفضل اختيار الخيارات الأقرب للطبيعة. ستيفيا (Stevia) مثلًا مشتق من نبات، والكثيرون يجدون طعمه مقبولًا خاصة في المشروبات الساخنة. أيضًا بعض البدائل شبه الطبيعية مثل فاكهة الراهب (Monk Fruit) بدأت تنتشر وهي مستخلصة من نبات وتوفر حلاوة دون سعرات. صحيح أنها أيضًا في النهاية مركبات كيميائية لكنها ربما أقل معالجة. كذلك سكر الكحول (مثل إريثريتول) يعطي بعض الحلاوة مع سعرات منخفضة جدًا ويمكن أن يشبع الرغبة بالحلو مع فائدة إضافية كعدم تسوس الأسنان. النقطة هنا أن تنظر في الخيارات وتختار ما يريح بالك ويعجب ذوقك – فبعض الناس يقلقون من أسماء كيميائية بحتة ويفضلون ما له أصل طبيعي. الجانب النفسي مهم أيضًا، فإذا كنت مرتاح الضمير للمُحلي الذي تستخدمه فلن ينتابك قلق أو توتر (والتوتر بحد ذاته قد يدفع للأكل!).

6. استمر في تناول الفاكهة وغيرها من المصادر الحلوة الطبيعية.

لا يجب أن يحل السكر الدايت محل كل مصادر الحلاوة في غذائك. الفواكه الطازجة تحتوي سكر الفركتوز ولكنها أيضًا غنية بالألياف والماء والفيتامينات، وتطلق السكر ببطء نسبيًا. تناول تفاحة أو برتقالة عندما تشتهي طعمًا حلوًا قد يكون أكثر إشباعًا وإرضاءً على المدى الطويل من شرب علبة صودا دايت. فهي تمنحك القضم والامتلاء في المعدة وفوائد غذائية متعددة. وكما قال أحد خبراء التغذية: "الأطعمة السكرية في صورتها الطبيعية – كالفاكهة الكاملة – تكون مغذية وغنية بالألياف ولا تتسبب في ارتفاعات حادة للسكر في الدم، على عكس السكر المكرر ". لذا لا تجعل كل حلاوتك من عبوة أو ظرف محلي صناعي، أضف حلاوات طبيعية ذكية ضمن نظامك.

7. انتبه للتوقيت والكميات.

حتى المحليات الصناعية يجب استخدامها باعتدال. صحيح أنها آمنة ضمن الحدود، لكن الإفراط في أي شيء ليس جيدًا. حاول ألا تتجاوز الجرعات اليومية الموصى بها – والتي عادة يصعب تجاوزها إلا إذا شربت كميات هائلة من الدايت يوميًا. كذلك ربما تجنب تناول أشياء حلوة (سواء بسكر أو بديل) في آخر الليل قبل النوم مباشرة؛ لأن البعض يجد أن الطعم الحلو يحفز رغبتهم وقد يفتح شهيتهم بشكل مزعج ليلاً. من الأفضل أن يكون معظم ما تتناوله خلال اليوم غير محلى، وتكافئ نفسك بشيء خفيف التحلية في وقت محدد من اليوم لسد الرغبة.

8. حافظ على الصورة الشاملة لنظامك الغذائي ونمط حياتك.

في نهاية المطاف، لا المحليات الصناعية ولا السكر العادي وحدهما يحددون وزنك وصحتك. الأمر يتعلق بكامل نمط حياتك: كمية السعرات الكلية، توازن العناصر الغذائية، مستوى نشاطك البدني، نومك، إلخ. المحليات هي تفصيل واحد. إذا كنت تتناول أطعمة غنية بالدهون الضارة والنشويات المكررة طوال اليوم، فلن ينقذك استبدال المشروبات بالدايت من زيادة الوزن. والعكس صحيح: إن كان نظامك الصحي متوازنًا، واستخدامك للمحليات هو فقط لتخفيف السكر في بضعة أشياء، فغالبًا لن يعرقل ذلك تقدمك. ركز على الصورة الأكبر دائمًا ولا تعلق كل الآمال أو المخاوف على مكوّن واحد.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

رقم النصيحة العملية الهدف منها
1 راقب تأثير المحليات الصناعية على شهيتك فهم استجابة جسمك لتحديد الاستخدام المناسب
2 استخدم المحليات لتقليل السعرات لا كمبرر للأكل الزائد تفادي فخ التعويض بالسعرات
3 تناول المحليات ضمن وجبات متوازنة منع تأثيرها على إشارات الجوع
4 درّب حواسك تدريجيًا على تقليل الحلاوة تقليل الاعتماد على الطعم الحلو مع الوقت
5 اختر المحليات الأقرب للطبيعة أو ذات القيمة المضافة الراحة النفسية والتحسين التدريجي في الذوق
6 استمر في تناول الفاكهة كمصدر طبيعي للحلاوة الحصول على حلاوة مغذية ومشبعة
7 انتبه للتوقيت والكميات عند استخدام المحليات تفادي الإفراط وتأثيره على الرغبة في الأكل
8 حافظ على التوازن الغذائي العام تحقيق نتائج صحية مستدامة دون الاعتماد على مكون واحد

باتباع هذه النصائح، يمكنك الاستمتاع بالمذاق الحلو بذكاء – سواء عبر المحليات الصناعية أو الخيارات الطبيعية – دون أن تقع فريسة لاشتهاء السكر بشكل خارج عن السيطرة. تذكر أن الهدف ليس أن تحرم نفسك من الحلاوة تمامًا، بل أن تتحكم بها هي بدلًا من أن تتحكم بك. وإيجاد هذا التوازن ممكن ببعض التخطيط والوعي الذاتي.

الخلاصة: هل السكر الدايت يجعلك تشتهي الحلويات؟

حان وقت الإجابة النهائية عن سؤالنا بعد هذا الغوص الطويل في التفاصيل. هل السكر الدايت يجعلك تشتهي الحلويات؟ الجواب في ضوء الأدلة الحديثة: ليس بالضرورة – ولكنه ممكن في ظروف معينة ولدى بعض الأشخاص.

  1. بالنسبة لبعض الناس وفي مواقف محددة (مثل تناول المحليات على معدة فارغة أو الاعتماد الشديد على الأطعمة شديدة الحلاوة)، قد يؤدي استخدام السكر الدايت إلى شعور بعدم الرضا يدفعهم لتناول المزيد من السكريات أو الأكل بشكل عام. رأينا أن النساء وذوي السمنة مثلًا كانوا أكثر عرضة لأن يشعروا بالجوع ويأكلوا زيادة بعد مشروب محلى صناعيًا مقارنة بالسكر . كما أن استمرار تعويد اللسان على طعم حلو قوي قد يبقي الرغبة بالحلو مرتفعة .
  2. بالمقابل، لدى كثير من الأشخاص يمكن أن يكون السكر الدايت أداة نافعة لتخفيف استهلاك السكر دون آثار جانبية تذكر على الشهية. خاصة إذا اُستخدم باعتدال ومع نظام غذائي متوازن، لا يوجد دليل علمي قوي أنه سيجعلك تفقد السيطرة على شهيتك أو يزيد وزنك تلقائيًا . في الواقع قد يساعدك على إشباع رغبتك في الطعم الحلو بشيء قليل السعرات وبالتالي يُجنّبك تناول الحلويات العالية بالسعرات.
  3. المفتاح هو كيفية الاستخدام: إذا استخدمت المحليات الصناعية بذكاء – كبديل للسكر في قهوتك أو في مشروبك الغازي المفضل بدل النسخة السكرية – فمن المرجح أن تجني فائدتها (سعرات أقل) دون أضرار. أما إذا أكثرت منها وجعلتها حجة لتناول مزيد من المأكولات غير الصحية، أو عولت عليها بينما نظامك الغذائي عمومًا غير متزن، فقد تشعر أنها لا تنفعك بل ربما تربك إشارات جسمك.

الأبحاث الحديثة تقدم رسالة مهمة: الاعتماد على الطعم الحلو – سواء من السكر أو بدائله – ينبغي تقليله في حياتنا عمومًا . المحليات الصناعية حل مؤقت أو وسيلة مساعدة لمن لا يستطيع تقليل السكر فورًا. لكنها ليست علاجًا جذريًا لرغبتنا في السكر. إذا أردنا فعلاً تقليل اشتهاء الحلويات، فعلينا تدريجيًا تدريب أنفسنا على الاستمتاع بحلاوة أقل والتركيز على الأطعمة الطبيعية المغذية.

لذلك، يمكنك أن تستخدم السكر الدايت دون قلق كبير على شهيتك إذا كنت واعيًا. كثيرون استطاعوا عبره شرب الشاي والقهوة بدون سكر مضاف والتعود على ذلك، مما قلل مدخولهم اليومي من السكر بشكل ملموس. فقط راقب نفسك.

وفي النهاية، تذكّر أن أجسامنا وعقولنا معقدة ومتغيرة. ما يصلح لغيرك قد لا يصلح لك. استمع إلى إشارات جسمك. الاعتدال والتوازن هما الحل في التغذية كما في كل شيء. استخدم العلم كدليل، وجرب ما يناسبك بأمانة مع نفسك.

جدول توضيحي لتسهيل الفهم والمراجعة:

العامل قد يزيد الاشتهاء قد يساعد في تقليله
الحالة الجسدية والنفسية النساء، وذوو السمنة، والصيام الطويل أشخاص بنمط غذائي متزن وواعي
الكمية وطريقة الاستخدام استخدام مفرط مع أطعمة عالية الحلاوة كبديل بسيط (مثلاً في القهوة أو الشاي)
النمط الغذائي العام اعتماد على أطعمة معالجة ومشروبات دايت دون تغيير حقيقي نظام غذائي طبيعي، غني بالألياف والبروتين
النتيجة المحتملة اشتهاء أكبر للحلويات، خلل في إشارات الشبع تقليل مدخول السكر، إشباع مع سعرات أقل
الخلاصة قد يزيد الاشتهاء لدى البعض وفي ظروف معينة أداة مفيدة إذا استُخدم باعتدال ووعي

أتمنى أن تكون هذه المقالة قد أوضحت لك الصورة بناءً على أحدث العلوم. الآن القرار لك: هل ستستمر في إضافة السكر الدايت إلى قهوتك الصباحية؟ وهل تظن أنه يساعدك في السيطرة على رغبتك في الحلويات أم أنك ستعيد النظر في الأمر؟ شاركني رأيك وتجربتك الشخصية مع المحليات الصناعية في التعليقات أدناه – فخبراتنا المشتركة قد تفيد غيرنا أيضًا!

الأسئلة الشائعة

هل المحليات الصناعية آمنة على الصحة أم لها أضرار خطيرة؟
المحليات الصناعية مصنفة عمومًا كآمنة من قبل الهيئات الصحية العالمية عند استهلاكها ضمن حدود الجرعات اليومية المقبولة. دراسات السلامة لم تجد أدلة قاطعة على أنها تسبب السرطان أو الأمراض الخطيرة لدى البشر عند الجرعات العادية. على سبيل المثال، المخاوف القديمة حول السكارين والسرطان تبيّن أنها غير منطبقة على البشر، وحديثًا تم تصنيف الأسبارتام كمادة "ربما مسرطنة" فقط بناءً على أدلة محدودة جدًا وفي سياق جرعات عالية. مع ذلك، الإفراط الشديد في المحليات (مثل شرب عشرات عبوات الصودا الدايت يوميًا) ليس مستحبًا وقد يرتبط ببعض الآثار الجانبية كاضطراب الهضم أو الصداع لدى البعض. خلاصة القول: استخدامها باعتدال آمن لدى معظم الناس. وإن كان لديك حالة صحية خاصة (مثل بيلة الفينيل كيتون التي تتطلب تجنب الأسبارتام) فالتزم بتوجيهات طبيبك.
هل صحيح أن المحليات الصناعية يمكن أن تسبب زيادة الوزن بدلاً من إنقاصه؟
بحد ذاتها، المحليات الصناعية لا تحتوي سعرات تقريبًا، لذا لن تزيد الوزن مباشرًة. إذا استُبدلت محلّيات مكان السكر ضمن سعرات يومية مضبوطة، ينتج نقص في الوارد الحراري مما يساعد على فقدان أو تثبيت الوزن. لكن السبب وراء سمعة المحليات في زيادة الوزن يأتي من دراسات رصدية وجدت أن مستخدمي المشروبات الدايت كانوا أكثر عرضة لزيادة الوزن مع الوقت. التفسير المرجح لذلك هو أن كثيرًا منهم كانوا أصلاً ذوي أوزان زائدة أو عادات غذائية سيئة حاولوا تعويضها بشرب الدايت، أو أنهم يشعرون براحة فيأكلون أكثر (تعويض نفسي). لذا المحليات نفسها لا تُسمن، إنما السلوك العام هو الذي يحدد. إن استخدمتها بحكمة مع حمية صحية فلن تزيد وزنك بل ربما تساعدك قليلاً في خفضه؛ أما إن اعتمدت عليها كحيلة دون تحسين بقية غذائك فقد لا تحقق أي فائدة وربما تتراخى فينتهي بك المطاف بوزن أعلى بسبب الإفراط في أطعمة أخرى.
هل يؤدي تناول المحليات الصناعية إلى ارتفاع مستوى الإنسولين في الدم؟ سمعت أنها قد تسبب إفراز الإنسولين كما يفعل السكر.
بشكل عام، معظم المحليات الصناعية لا تحفز إفراز الإنسولين بشكل يُذكر ولا ترفع سكر الدم لأنها لا تُهضم إلى جلوكوز (باستثناء تأثيرات طفيفة لبعضها). بعض الدراسات وجدت ارتفاعًا طفيفًا جدًا في الإنسولين مباشرة بعد تذوق طعم حلو صناعي لدى بعض الأشخاص، ربما كرد فعل منعكس للتذوق، لكنه ليس بمستوى أو مدة الارتفاع الناتج عن السكر الحقيقي. ودراسات أخرى طويلة الأمد على أشخاص أصحاء ومرضى سكري لم تجد أي ارتفاعات مزمنة للإنسولين أو مقاومة له من المحليات. إذًا تناولك لمشروب محلى بالأسبارتام أو السُكرالوز لن يسبب قفزة سكر دم ثم هبوط حاد كما يفعل السكر العادي، بل يبقى سكر دمك وإنسولينك مستقرين تقريبًا. هذا مفيد خاصة لمرضى السكري. لكن طبعًا لو كنت تشرب المحليات ضمن مشروب يحتوي كربوهيدرات أخرى (كعصير دايت فيه قليل من العصير الطبيعي مثلاً) فقد يكون هناك تأثير للعصير نفسه. خلاصة القول: المحليات الصناعية لا تسبب ارتفاعًا ملموسًا في الإنسولين لدى معظم الناس.
ما أفضل بديل سكر صحي يمكنني استخدامه لتقليل تناول السكر؟
يعتمد ذلك على تفضيلاتك وأهدافك. إن كنت تبحث فقط عن تقليل السعرات وتحب الطعم الحلو القوي، المحليات الصناعية الشهيرة (الأسبارتام، السُكرالوز، الستيفيا... إلخ) كلها تؤدي الغرض وتوفر الكثير من السعرات خلال اليوم. من بينها يحظى السُكرالوز بقبول واسع للطعم وميزة أنه ثابت في الطهي والخبز، فيمكنك استخدامه في الوصفات. الستيفيا (Stevia) خيار جيد أيضًا لمن يفضلون شيئًا طبيعيًا المصدر – أوراق الستيفيا – وطعمه حلو مع قليل من المرارة الخفيفة التي يتعود عليها أغلب الناس. هناك أيضًا إريثريتول (Erythritol) وهو من سكر الكحول يمنح حلاوة حوالي 70% من السكر بسعرات شبه معدومة، ميزته أنه أقرب لطعم السكر بدون مذاق غريب، لكنه أقل حلاوة فيحتاج كمية أكبر قليلًا. بعض الناس يفضلون محلي فاكهة الراهب (Monk Fruit) وهو مسحوق مستخلص من فاكهة آسيوية، حلاوته عالية جدًا وطعمه مستساغ وطبيعي لكنه أغلى ثمنًا. عمومًا لا يوجد "الأفضل" بشكل مطلق – إن كان يهمك الطعم فجرب عدة أنواع واعتمد ما يعجبك، وإن كنت تفضل الطبيعي فالستيفيا وفاكهة الراهب خياران جيدان، وإن أردت محليًا للخبز اختبر مزيج سكرالوز/إريثريتول حيث يعطيان قوامًا وحلاوة قريبة من السكر. وتذكر أنك تستطيع أيضًا خفض السكر بالتدريج دون بديل – مثلاً عوّد نفسك على الشاي الأقل حلاوة حتى تحتاج لمحلي أقل.
هل المحليات الصناعية مناسبة لمرضى السكري؟
نعم، المحليات الصناعية تعتبر خيارًا جيدًا وآمنًا لمعظم مرضى السكري لأنها لا ترفع سكر الدم ولا تضيف عبئًا من الكربوهيدرات إلى النظام الغذائي. في الواقع الجمعيات المعنية بالسكري (كالجمعية الأمريكية للسكري) تذكر أن المحليات غير المغذية يمكن أن تساعد مرضى السكري على الاستمتاع بالطعم الحلو دون التأثير على مستويات غلوكوز الدم. مثلًا، استبدال مشروب محلى بالسكر (يحتوي ربما 30 غ سكر) بمشروب دايت سيوفّر تلك الكمية الكبيرة من السكر ويجنب الارتفاع الحاد بسكر الدم. الدراسات السريرية على مرضى السكري لم تجد للمحليات تأثيرات سلبية على التحكم طويل الأمد بالسكر (مثل HbA1c). لكن التنبيه الأهم: يجب احتساب ما يرافق المحليات. فإذا أفرط مريض السكري في حلوى "دايت" فإن بقية مكوناتها (دهون مثلاً) قد تكون عالية السعرات وهذا يؤثر على الوزن والصحة. أيضًا بعض المنتجات "الخالية من السكر" قد تحتوي كربوهيدرات من مصادر أخرى (كالطحين والنشاء) فهذه تؤثر على السكر. لذا المحليات مفيدة لمرضى السكري لكن ضمن نظام غذائي شامل صحي. وطبعًا هناك استثناء لمرضى نادرين لديهم بيلة الفينيل كيتون يمنعون من الأسبارتام لأنه يحتوي فينيل ألانين.

المراجع

  1. Ahmed, F., & Alam, S. (2020). Artificial sweeteners: sugar-free, but at what cost? Harvard Health Blog. Harvard Medical School. [Link 1], [Link 2]
  2. Gibbons, C., Blundell, J., Finlayson, G., et al. (2024). Acute and two-week effects of neotame, stevia rebaudioside M and sucrose-sweetened biscuits on postprandial appetite and endocrine response in adults with overweight/obesity—a randomized crossover trial from the SWEET consortium. EBioMedicine, 94, 105005. [DOI], [Link]
  3. Mattes, R. D., & Popkin, B. M. (2009). Nonnutritive sweetener consumption in humans: effects on appetite and food intake and their putative mechanisms. American Journal of Clinical Nutrition, 89(1), 1–14. [DOI], [Link 1], [Link 2]
  4. World Health Organization. (2023). WHO advises not to use non-sugar sweeteners for weight control in newly released guideline. WHO News Release, 15 May 2023. [Link 1], [Link 2]
  5. Wilk, K., Korytek, W., Pelczyńska, M., Moszak, M., & Bogdański, P. (2022). The Effect of Artificial Sweeteners Use on Sweet Taste Perception and Weight Loss Efficacy: A Review. Nutrients, 14(6), 1261. [DOI], [Link]
  6. Yang, Q. (2010). Gain weight by “going diet?” Artificial sweeteners and the neurobiology of sugar cravings. Yale Journal of Biology and Medicine, 83(2), 101–108. PMID: 20589192. [Link 1], [Link 2]
  7. Yunker, A. G., Alves, J. M., Luo, S., et al. (2021). Obesity and Sex-Related Associations With Differential Effects of Sucralose vs Sucrose on Appetite and Reward Processing: A Randomized Crossover Trial. JAMA Network Open, 4(9), e2126313. [DOI], [Link 1], [Link 2]


    بحث هذه المدونة الإلكترونية